ماذا لو قرر المشير زيارة طرابلس مجددا ؟!
في نقاش عميق مع أحد الرفاق في منصة علاش قال لي تعليقا على كلمة (التاريخ يُعيد نفسه) إن التاريخ لا يعيد نفسه، نحن بني البشر، نُصر على إعادة الخطوات أنفسهن التي أوصلت أسلافنا لنتيجة واضحة، وننتظر نتيجة مغايرة.
يبدوا أن أنفسنا تخدعنا عندما نسمع هذا الكلام، وتقول لنا أهواؤنا ومن يُطبل لهذه الأهواء أننا قادرون على إعادة نفس الخطوات، ونستطيع تغيير النتيجة المتوقعة، فقط لأننا نحن من نقوم بذلك، وكوننا الأذكى والأمهر، والأكثر شعبية، والأكثر قوة ونفوذاً.
هناك العديد من الإشارات التي تلقفها بعض المحللين السياسيين في ليبيا تقول هذه الإشارات أن هناك حملة عسكرية يجهز لها المشير حفتر وأبنائه على طرابلس مجددا لغرض السيطرة على البلد بالكامل.
ويقول أصحاب هذا الطرح أن الوضع العام الذي تمر به ليبيا يمهد لهكذا محاولة، حيث على الصعيد الدولي العالم أغلبه منتبه بشكل كبير بالصراع الحاصل في الشرق الأوسط، والروس يستقرون بشكل أكبر في أفريقيا، ويزداد نفوذهم كل يوم، ولا يكرهون أن يزداد نفوذ حليفهم أكثر داخل ليبيا المفقودة حتى الآن، ويتضح ذلك في حجم السلاح الذي وصل لميناء الحريقة في مدينة طبرق الليبية في شرق البلاد، والتي أشرفت قوات الروس الموجود في ليبيا (الفاجنر سابقا) بمهمة إنزال هذه الدفعات من الباخرة المحملة بها، وإيصالها إلى مكانها، حيث أكد المصدر نفسه الذي وثق بفيديو مصور أرتال هذه الأسلحة أن هذه الدفعة الخامسة خلال الثلاثة أشهر الماضية، رغم إيعاز البعض أن هذه الأسلحة مستهدف بها السودان والحرب الدائرة فيها، إلا أن هناك من يرى أن هذا الدعم موجه للمشير وأبنائه، كما أن الانتخابات الأمريكية التي على الأبواب تُقيد بشكل أو بآخر حركتها بحرية على مستوى تدخلها في البلدان ونفوذها الدولي ، حيث يحاول كل حزب في أمريكا أن يقدم نفسه للأمريكان كونه مهتماً بالشأن الداخلي، ويحاول أن يقلص حجم التدخلات الخارجية على أمريكا، هذه التدخلات التي تستنزف في مليارات من الخزانة العامة الأمريكية.
على المستوى الداخلي وتحديدا. في المنطقة الغربية، فوضع التشكيلات المسلحة اليوم هو أضعف مما كانت عليه في أثناء زيارة المشير الأولى لطرابلس!، حيث هناك تشتت كبير في الصف الداخلي، وصراع النفوذ أصبح واضحا، والحرب التي يرتقبها الكثيرون في طرابلس هي أقرب ما يكون اليوم، في الوقت نفسه هناك قوات عسكرية أصبحت بشكل أو بآخر تجمعها علاقات طيبة مع أبناء المشير خاصة بعد كارثة درنة الأخيرة، ونخص هنا اللواء 444 قتالاً، حيث يرى الكثير أن في حال تقدم المشير وأبنائه باتجاه العاصمة، فسيأخذ اللواء موقف الحياد من هذه الحرب، أيضا المناشير الفيسبوكية التي يُغازل من خلالها عبد السلام الزوبي أمر اللواء (111) الذي ذكر في أكثر من تدوينه إعجابه بالعمل العسكري الذي يقوم به المشير وأبناؤه في شرق وجنوب البلاد، كما بين وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن العام عماد الطرابلسي في أكثر من مؤتمر صحفي أنه لا يوجد أي خلاف مع معسكر الرجمة، وأن أمان ليبيا مهمة الجميع، بالنسبة لمصراتة اليوم هي في أضعف حالاتها من الناحية العسكرية، حيث انقسمت القوى العسكرية في المدينة بين من يربطه علاقة قوية مع أبناء المشير، ونتحدث هنا بالتحديد على محمد الحصان القائد العسكري البارز في مصراته ، الذي تجمعه صور مع عمر مراجع أمر لواء طارق ابن زياد، أكثر من الصور التي تجمعه مع أهله، هذا كله ومدينة الزاوية التي كانت صاحبة دور بارز في إيقاف قوات المشير حفتر في زيارته الأولى إلى طرابلس هي في أضعف حالاتها، نتيجة حجم الاقتتال اليومي بينها،
كل هذه المؤشرات هناك من ربطها أيضا بالدور الذي أصبح يلعبه اللواء خالد حفتر أمر اللواء (106) بالرياضة؟! حيث فجأة اكتشف الجميع اهتمام اللواء خالد بالرياضة وتحديدا كرة القدم، حيث قدم اللواء خالد قيمة مالية ضخمة للاعبي نادي الاتحاد نتيجة فوزهم بكأس السوبر، وقبلها قدم دعم لنادي المدينة، ونادي أبوسليم، حيث يرى العديد أن هذه الاهتمامات الرياضية للواء جاءت لمحاولات خلق أرضية شعبية لمحاولة زيارة أبيه وأخيه لطرابلس في الأيام القادمة، في نفس هذا الوقت أجرى اللواء صدام حفتر مناورة عسكرية في سرت للوقوف على جاهزية قواته، ورمزية سرت في هذه المناورة يراها العديد أنها ليست عبثية.
في الداخل البرقاوي هناك من يرى أنه رغم المشهد العام القائل أن الأمور تحت السيطرة، إلا أن هناك العديد من المتابعين يرجحون نشوب خلاف كبير بين الأخوين خالد وصدام (مع حِفظ الألقاب) مجرد غياب المشير، حيث كل واحد منهم يرى في نفسه أحق لخلافة المشير، ووجود حرب كفيلة أن تجمع الأخوين لهدف واحد، وفي حال نجاحهم في السيطرة على طرابلس، فسيُرحل الصراع بينهم قليلا، وهذا ما يحتاجونه اليوم..
إن غياب العنصر المفصلي في المعادلة الليبية، وأعني هنا الشعب، سيعطي المساحة للمتنفذين كلهم عسكريا في ليبيا أن يجربوا دون كلال أو ملل السيطرة بشكل أكبر وتوسيع نفوذهم، وهم على استعداد إلى التقاذف بكل شيء ، من الرصاص وصولا لجثث الليبيين، حتى يزيد نفوذهم شبرا واحداً، كيف لا وكل شبر من أرض النفط والغاز والدم، يعطيك قوة أكثر، وتفتح لك فرصة أكبر لحكم شعب يتظاهر بأنه على قيد الحياة.
حتى يحدث ذلك، أو لا يحدث، فقم بإعداد تحصينات على بيتك وأسرتك، حتى لا تكون ضريبة لهذا الصراع ، وأترك نوافذ بيتك مفتوحة حتى لا ينكسر الزجاج !!