السياسي

اجتماع الفيلة الخمسة غير المروضة

 اجتماع الفيلة الخمسة غير المروضة

 اجتماع الفيلة الخمسة غير المروضة 

 

يبدو أنه كلما يقترب الليبيون من حالة الانتخابات، تحاول كل الأطراف السياسية تغييبها، وهذا الملاحظ خلال السنوات الأخيرة، فبعد وصول المجلسين (الأعلى والنواب) إلى صيغة توافقية حول القوانين الانتخابية، وتم إصدارها وتسليمها للمفوضية العليا للانتخابات، إلا أن البعثة الأممية وحكومة عودة الحياة وبعض الأطراف غير المنظورة، تعتقد أن هذه القوانين تحتاج إلى المزيد من التوافق من قبل الأطراف السياسية والعسكرية الموجودة على الساحة الليبية، وهذا بالنص ما جاء على لسان المبعوث الأممي عبد الله باتيلي. 

عبد الله باتيلي الذي يبدوا أنه بشكل أو بآخر يحاول إطالة أمد حكومة الدبيبة، هذا ما يعتقده العديد من الأطراف السياسية، حيث رغم خروج القوانين الانتخابية بتوافق المجلسين، وهذا حدث يعتبر سابقة مهمة للتقارب والخروج برؤيا موحدة، خاصة وأن هذا التقارب جاء بعد تعديل دستوري تم إقرار فيه أن مخرجات لجنة 6 + 6 ستُعْتَمَد دون نقاش وهذا ما حدث، ورغم كل هذا الجهد، إلا أن البعثة الأممية مازالت ترى أن هذا الجهد غير كاف، ويجب خلق حالة توافق أكبر حول هذه القوانين لإنجاح العملية الانتخابية. 

لماذا ترى البعثة ذلك؟ 

هناك تحليلات تحاول الإجابة عن هذا السؤال، أهمها أن البعثة الأممية تحاول أن تجعل حكومة الدبيبة هي من تقوم بالانتخابات، وأن مسألة وجود حكومة جديدة هي التي تشرف على العملية الانتخابية غير منطقية، رغم عدم تصريحها بذلك للعلن، إلا أن التحركات توحي بذلك، أيضا هناك بعض المعلومات التي تتواتر وغير المستندة إلى مصدر واضح تقول إن البعثة الأممية عن طريق رئيسها قد تورطت في حالة من الرشوة من قبل أشخاص محسوبين على حكومة الدبيبة، وهذا ما يجعل البعثة متمسكة بعقد الاجتماع الذي سميت باجتماع الفِيلة الخمسة، ويعنى بها (مجلس النواب + مجلس الدولة + قيادة الرجمة + المجلس الرئاسي + حكومة عودة الحياة) حيث ترى البعثة أن هذه الأجسام يجب أن تتوافق حول القوانين الانتخابية التي أصبحت أشبه بقميص عثمان بالنسبة لداعمي استمرار الوضع على ما هو عليه. 

لهذا من يقدم سردية تورط البعثة في التواطؤ مع حكومة عودة الحياة يستند إلى كون أنه من إلا منطقي أن تكون الحكومة جزءاً من اجتماع من المفترض أن يناقش مسألة تغييرها؟! وكأن البعثة تقول للحكومة (تعالي للاجتماع لنأخذ رأيك في مسألة تغييرك ) إضافة إلى كون المجلس الأعلى لم يعد على التوافق نفسه الذي كان عليه أيام رئاسة خالد المشري، حيث تقاربت رؤية رئاسة المجلس الأعلى بشكل واضح مع رؤية حكومة عودة الحياة للمخترق السياسي التي تقف فيه البلد. 

من جهة أخرى يعلم الجميع أن عقيلة صالح صاحب مجلس النواب أصبحت مسألة تغيرحكومة عودة الحياة بحكومة جديدة مسألة محسومة بالنسبة له، وأن انتخابات دون وجود حكومة جديدة لن تحدث، خاصة وأنه متمسك بالقوانين الانتخابية التي صُدرت مؤخرا، والتي تنص على وجوب تغيير الحكومة، وتحرر أيضا لأول مرة رئيس الحكومة القادم من الخضوع لابتزاز النواب في مسألة تشكيل حكومته، حيث الثقة ستعطى لرئيس الحكومة في شخصه، لينطلق بعدها لتشكيل حكومته بالطريقة التي يرى فيها أنها ستحقق أهدافه، بالتالي يسهل محاسبته بشكل تام، على كل أعمال وزرائه الذي اختارهم بحرية، هذا ما يُقدمه عقيلة صالح متفاخرا به بالقوانين الانتخابية الصادرة في كل مرة يُسأل فيها عن تغيير القوانين الانتخابية التي خرجت بالتوافق بين المجلسين. 

في برقة الأمر لا يختلف كثيرا، فهناك العديد من المعلومات القادمة مع رياح الشرق تقول إن أبناء صاحب الجيش يحاولون إسقاط عقيلة صالح من قبة مجلس النواب وتغييره على غرار ما حدث في المجلس الأعلى، حيث يعتبر أصحاب هذه المعلومات أن استمرار الوضع على ما هو عليه هو في صالح صاحب الجيش وأبنائه وحكومة عودة الحياة، حيث يستطيعون أن يديروا البلد بشكل قائم على مبدأ المحلل السياسي الكبير عبد الرزاق البكوش (مدلي ونمدلك) وقد حدث ذلك في موضوع تعيين بن قدارة على رأس المؤسسة الوطنية للنفط، والذي أكده بن قدارة نفسه في لقاء متلفز مؤخرا. 

المجلس الرئاسي هو الفيل الخامس في هذا الاجتماع، ويرى العديد إن وجوده على طاولة الاجتماع لخلق توازن فيزيائي فيها فقط، فلا يملك اليوم رصيدا شعبيا، ولا قوة عسكرية تأتمر بأمره حقيقة، ولا علاقات دولية يمكن أن يرتكز عليها، ويستخدمها في أي حالة تفاوض، وإن وضعه اليوم يُشبه خلفاء الفاطميين في نهاية دولتهم، (موجودين ومش موجودين) 

 

لهذا يرى العديد أن هذا الاجتماع لن يُنتج شيئاً ملموساً ممكن أن يغير الوضع الحالي، وإن أنتج فستكون المخرجات تصب في مصلحة استمرار الوضع على ما هو عليه، خاصة بالنسبة للعائلتين الحاكمتين في القطر الليبي حتى الآن.