زوارة VS الدبيبة!
خلال الأيام الماضية حدثت تحركات عسكرية في غرب العاصمة الليبية وتحديداً في المنطقة الممتدة من زوارة وصول لبوابة رأس جدير، حيث حاولت القوة المشتركة التي شكلها الدبيبة بقيادة عبد السلام الزوبي المدة الماضية لاسترجاع غريان من القوة العسكرية التي كانت قد سيطرت عليها، ويبدو أن هذه القوة لم تكن فقط لرد دعاب وقوته عن غريان كما ذكرنا سابقا في الورقة التي نشرناها تحت عنوان (علاش الدبيبة شكل جيش لرد دعاب «غريان الإشارة») حيث تمكنت القوة من الوصول إلى منطقة زلطن التي تبعد حوالي 25 كيلو عن بوابة رأس جدير، وكان الهدف هو السيطرة على البوابة تحت قيادة القوة المشتركة التابعة للدبيبة، إضافة إلى تغيير مدير المعبر، عن طريق وزير الداخلية عماد الطرابلسي.
لم يمر هذا التحرك مرور الكرام بالنسبة للمجلس البلدي زوارة ، حيث رفضت الغرفة هذه التحركات، وقالت إنه لا يوجد أي مبرر منطقي لها، إلا محاولة السيطرة على المعبر من قبل حكومة، حقيقة هي فاقدة للشرعية، وأن هذه التحركات ستؤدي إلى حالة صدام عسكري بينها وبين القوة المشتركة التابعة للدبيبة في حالة لم تنسحب.
وأكد ذلك اجتماع المدن الأمازيغية من الجبل والساحل، والذي أعلنوا في بيانهم رفضهم لهذه التحركات، التي لا تعبر عن تحرك رسمي مبني على حالة قانونية، بل هو بسط نفوذ لقوة عسكرية تأتمر بحكومة غير شرعية، والغاية منها السيطرة فقط.
المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا أيضا كان له موقف واضح من هذه التحركات، حيث شددت على أن الأمازيغ في ليبيا لازلو يتمسكون بوحدة التراب الليبي، وأن أي عملية تطوير لسيطرة الحكومة على مؤسسات الدولة ومعابرها يجب أن يكون بشكل شامل، بحيث المنافذ كلهم تكون تحت سيطرة الحكومة، وليس منافذ دون منافذ؟!.
كما أكد المجلس على أن ( بلدي زوارة ) والأمازيغ بشكل عام لم يقفوا ولن يقفوا أمام أي إجراء من شأنها أن يؤسس لدولة حقيقية بشرط تلتزم بالقانون، وتطبقه على الجميع، وقبل هذا كله أن تكون حكومة منبثقة عن حالة شرعية، يُمثل فيها الليبيون حقيقا بكل طوائفهم وأعراقهم، كما أكد البيان أن أمازيغ ليبيا لم يكونوا جزءاً من العملية السياسية التي أنتجت هذه الحكومة، إلا أنهم في الوقت نفسه لم يكونوا عقبة أمام أي حالة استقرار يمكن العمل عليها.
لهذا تظهر مجموعة أسئلة منطقية، ماذا يريد الدبيبة من بسط نفوذ القوة التي تمثله على معبر رأس جدير؟ وهل الهدف المعبر نفسه؟ أم المنطقة بالكامل؟ وفي الوقت الذي تعمل كل الأجهزة الأمنية التابعة للدولة من معبر رأس جدير ما الذي يريد أن يغيره الدبيبة من هذه التحركات في المعبر؟
لم تكن علاقة الدبيبة بالقوة الأمنية غرب طرابلس وصولا إلى حدود تونس جيدة، حيث استعمل الطيران المسير أكثر من مرة لضربهم بدعوى محاربة تهريب البشر والبنزين، إضافة إلى ذهاب الزاوية تحديدا باعتبارها صاحبة القوة الأكبر في هذه المنطقة لمعسكر باشاغا في محاولته للدخول لطرابلس، واستلام زمام الأمر، بالتالي ضلت العلاقة متوترة منذ ذلك الحين، أيضا لم يكن الحال أفضل لزواره في علاقتها بالدبيبة، فقد استعمل أيضا الطيران المسير أكثر من مرة بدعوى محاربة التهريب.
قوة الجويلي أيضا التي تبسط سيطرتها على باطن الجبل وجزء من ورشفانة ومسار الطريق الجبلية الرابطة بين ورشفانة إلى قرب مدن تيجي وبدر، كانت في دائرة الإستهداف من هذه التحركات ، من منطلق أن الجويلي يعتبر أحد الأطراف العسكرية التي تعمل على إنهاء حكم الدبيبة واستبداله، ولم يحدث أي تقارب بين الرجلين طيلة الفترة الماضية، بل نشب صدام خفيف بين قوة الجويلي والقوة المشتركة بقيادة الزوبي في أثناء بسط سيطرتها على المنطقة الممتدة من غريان وصولا لمزدة.
المجلس الرئاسي لم يقف متفرجاً أمام هذا المشهد، حيث برز دور كبير لعبد الله اللافي أحد أعضاء المجلس في صدور أمر عسكري من المجلس الرئاسي بعودة كل القوات العسكرية الموجودة في منطقة زوارة وزلطن إلى معسكراتها، وعدم التحرك إلا بأوامر مباشر منه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أنه عاد وأخرج أمرا آخر ببقاء قوة عسكرية صغيرة في منطقة زلطن لحماية المعبر وتنفيذ المهام التي ستطلب منها لاحقا.
لم يوافق المجلس البلدي زوارة على بقاء أي قوة عسكرية في زلطن، رغم أن أغلب هذه القوة التي بقيت من زوارة نفسها، وقد أنشأ الدبيبة بتحركاته العسكرية التي قام بها في هذه المنطقة تحالفاً عسكري غير رسمي بين غرفة عمليات زوارة العسكرية ( عن طريق المجلس البلدي ) وأغلب التشكيلات العسكرية في الزاوية، إضافة إلى قوة الجويلي، هذا التحالف الذي يستطيع إن أراد، دخول طرابلس من أبوابها الأربعة خلال ساعات، كما لم يحقق الدبيبة وقوته الغرض الذي ذهبوا من أجله، وهو السيطرة على المعبر.
لكن لنعود إلى التساؤل نفسه الذي بدأنا به هذا المقال، (وفي الوقت التي تعمل كل الأجهزة الأمنية التابعة للدولة من معبر رأس جدير، ما الذي يريد أن يغيره الدبيبة من هذه التحركات في المعبر؟
لهذا يحاول الدبيبة أن يستعيد جزء من الزخم الداخلي والدولية عن طريق بسط سيطرته المباشرة على المنطقة الغربية، ليقول للجميع أن عائلة حفتر تسيطر على الشرق والجنوب، وعائلة الدبيبة تسيطر على المنطقة الغربية بالكامل بشكل حقيقي لا صورة فقط، عله يتمكن من إعادة تموضعه في سلم المفاوضات التي يحاول المبعوث الأممي أن يجريها هذه الأيام لإيجاد أرضية مشتركة بين الفاعلين كلهم على الساحة السياسية في ليبيا،
لهذا يرى العديد من المتابعين، أن تحرك الدبيبة العسكري الذي قام به مؤخرا باتجاه معبر رأس جدير، لم يخرج منه خاسراً فقط، بل خلق تحالفا عسكريا يعاديه، لهذا يرى أصحاب هذا التحليل أنه دائما قبل أن تتجه صوب الغرب بإتجاه معبر رأس جدير تذكر جيدا أن لا تجتاز (أصحاب الأرض)