السياسي

باش ما تصيرش حرب ؟ شن المفروض يصير ؟

باش ما تصيرش حرب ؟  شن المفروض يصير ؟

باش ما تصيرش حرب ؟

شن المفروض يصير ؟

 

 

حاول البشر منذ الخليقة  تغيير استخدام العنف كوسيلة لفض النزاعات الناتجة عن تعارض المصالح التي تحدث بطبيعة التكوين البشري الذي يرتكز على حرص كل إنسان الحفاظ على اكبر قدر من المنافع الأساسية و غير الأساسية له ، وله لوحده .

إلا أن البشرية منذ الأزل لم تحصل بشكل كامل على وسيلة  تنهي فكرة اللجوء الى العنف عند تعارض المصالح ، إلا اننا في نفس الوقت لايمكن أن ننكر ان العالم اليوم أصبح أفضل بكثير ، حيث تمكنا من إيجاد وسائل قد تؤجل استخدام العنف كوسيلة في حال تعارض المصالح ، وستبدلنا العنف بالتفاوض والضغط الاقتصادي والتقنية ..والعديد من الوسائل التي تمكنت من فك الإرتباط بين تعارض المصالح واستخدام العنف كحل .

في ليبيا نحن بعيدين عن هذا الطرح للأسف ، فالواقع والتاريخ القريب يقول ، اننا غالبا نستخدم العنف في إدارة تعارض مصالحنا ونادرا ما نلجئ الى وسائل الأخرى التي قد تضمن للجميع مصالحه ولا تضر بأحد

يقال بأن الحروب جزء من العملية السياسية ، إلا أن فاتورتها عادة لا يدفعها من يمارس السياسة ، بل من تمارس باسمهم السياسة ، وما نمر به هذه الآيام في ليبيا خير دليل حيث إن كل  المؤشرات تبين أن شبح الحرب قد يرجع في أي وقت ، بل قد تكون في أي ساعة 

فبعد الإنسداد الحاصل في من يرأس السلطة التنفيذية بين حكومتين الأولى تري في نفسها صاحبة الشرعية حتى تسلم السلطة لجهة منتخبة من الشعب ، والثانية ترى في نفسها أنها قد تمكنت من الحصول علي ثقة البرلمان ( الممدد لنفسه ) بالتالي تلبس رداء الشرعية المرقع من كثرة استعماله في جميع المناسبات ! 

علي الأرض لا يختلف الأمر كثيرا فالسلطة العسكرية في الشرق الليبي تقف وراء حكومة باشاغا أمام الكاميرات وتعقد الصفقات مع حكومة الدبيبة في ردهات فنادق الإمارات وما تعيين ( بن قدارة ) على رأس المؤسسة الوطنية للنفط ببعيد ، أما في الغرب الليبي الأمر أكثر تعقيدا حيث لأول مرة خلال العشر سنوات الأخير يحدث خلاف في مصراته ( مدينة الحرب والسلام ) وتنقسم جزئياً بين الدبيبة وباشاغا ، إلا أنه مؤخراً كل المؤشرات تبين أن الأخير قد تمكن من إقناع أغلب الفصائل المسلحة في المدينة بلإصطفاف لجانبه ، كما تمكن من إقناع فصائل مسلحة أخرى تحيط بمركز العاصمة طرابلس مثل (النواصي – وقوات  الجويلي )  واستطاع أيضا  تحييد (الى حد الأن ) فصائل قوية مثل ( لواء 444 – وقوة الردع الخاصة  ) 

لم يبقى مع حكومة الدبيبة  إلا (القوة المشتركة مصراته ) و ( جهاز دعم الاستقرار طرابلس ) ولا تشكل هذه القوة متحالفة ثقلاً يوازي القوات المصطفة مع حكومة باشاغا ، الأمر الذي ينذر لمن له ( بصيرة ) ان الصدام العسكري مسألة وقت فقط لا غير …

إن الحكمة اليوم تتطلب  تحييد خيار الحرب الذي أصبح يلوح في الأفق ( فلم يتعافى الناس من الحرب الأخيرة التي حدثت بداية 2019 حتى الأن ) ولا الوضع الاقتصادي في ليبيا يسمح بأن يتعرض الى ضربة جديدة ، فلا يزال الركود مسيطر على أغلب المعاملات الاقتصادية ، وليست أخبار نزول سعر الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية ببعيد،  وفي وضع عالمي يمر بآزمات إقتصادية متعاقبة ، فلك ان تتخيل ماذا ممكن ان تفعله الحرب بنا ؟

ونحن اليوم في موقف لا نفاضل فيه بين سيء أوأسوء بل نفاضل فيه بين حياة الناس أوموتها ، 

حيث إن المساس بالسلطة التشريعية لن يقابل بالترحاب من مجلسي النواب و الدولة وحلفائهما العسكريين خاصة في هذه المرحلة ، ولا الإنتخابات الرئاسية سيكون لها أن تولد في ظل الإستقطاب الحاصل ، لهذا هناك من يطرح أن يتم إلغاء الحكومتين ( مثل ما نفعل مع أطفالنا عندما يختلفون حول لعبة ، فنحرمهم منها الإثنين ، ويا لقساوة التشبيه !! ) حيث إقتراح شخصية ثالثة بحكومة مصغرة قد تبعد عنا شبح الحرب ولو جزئياً ، وهذا الطرح يتضح صعوبة إنفاذه في ظل إنسحاب غريب من المجتمع الدولي اللاعب الرئيسي على الساحة الليبية طيلة السنوات الماضية ، كذلك الإنقسام العسكري الحاصل في المنطقة الغربية بين الحكومتين أيضا المعلومات التي خرجت كنتيجة للقاء رئيس البرلمان ( عقيلة صالح ) مع الرئيس التركي ( رجب طيب أردوغان ) في العاصمة التركية مؤخراً حيث رفض بشكل قطعي عقيلة صالح مقترح الرئيس التركي بأن يتراجع البرلمان عن دعمه لحكومة باشاغا ،وأن تكون هنالك حكومة ثالثة تنهي الصراع حول رئاسة السلطة التنفيذية ، معللاً ذلك أن هيبة البرلمان ( المتصورة في ذهن عقيلة صالح فقط ) ستتأثر باعتبار أن البرلمان هو أهم مؤسسة موجودة في ليبيا وتمنع البلد من الوقوع في براثن الفوضى والفراغ السياسي .

 

أيضا تعتبر المخاوف المطروحة من إستلام حكومة باشاغا  زمام الآمر لها وجاهة، حيث إن تحالف باشاغا مع عقيلة صالح و (خليفة حفتر) ينبئ بحكومة تمتلك كل أدوات تحولها إلى حكومة ( ليس لها تاريخ صلاحية ) ويتضح ذلك من تاريخ ليبيا القريب جدا مع الحكومات المتجاوزة لمدتها ، حيث مر على ليبيا حكومات هي أقل تماسك من حكومة باشاغا وتمكنت من التمديد لنفسها لسنوات ، فما بالك بحكومة تمكنت من تجميع خيوط القوة العسكرية في تحالف واحد ، كل طرف من التحالف له مصلحة في إستمرار هذه الحكومة  ، في بلد لا يملك مؤسسات تملك ان ترجع الأمور الي نصابها في حال حدث خلل في المدة المحددة للحكومة ، ولا تمتلك دستورا حاكما ينظم بشكل دقيق عملية انتقال السلطة بشكل سلمي وسلس

 

لهذا لا نجد مفر من الحرب إلا بخروج الناس إلى الساحات يطالبون بالحياة مقابل الموت ، يرفضون الحرب تحت أي سبب ، ويفرضون على من يتصارع باسمهم على السلطة الجلوس إلى طاولة الحوار ، هذا الخروج الذي يمكن ان يوصف بآنه خروج الحفاظ على مصلحة الشعب ، حتى يكتب الله لنا فصلاً  جديدا نبتهل إليه ان يكون أسلم مما أبتلينا به الأن.