السياسي

أباطرة ليبيا يستخدمون المسارح الرومانية (عودة الكولوسيوم)

أباطرة ليبيا يستخدمون المسارح الرومانية (عودة الكولوسيوم)

أباطرة ليبيا يستخدمون المسارح الرومانية (عودة الكولوسيوم)

 

المهرجانات والألعاب في الإمبراطورية الرومانية، وبالأخص الألعاب الجلادياتورية وسباقات العربات، كانت تؤدي دورًا مهمًا في المجتمع الروماني ، أباطرة وقياصرة روما استخدموها بمهارة لعدة أغراض، بما في ذلك صرف انتباه الشعب عن المشاكل السياسية والاقتصادية الحقيقية ، هذه الألعاب كانت تُقام بتكلفة ضخمة من الدولة أو الأباطرة أنفسهم، وكانت مجانية للعامة لضمان الحضور الكبير، أشهرها الألعاب الجلادياتورية (Monera) ربما تكون الأشهر بين المهرجانات كلهن، حيث كان المحاربون الجلادياتوريون يقاتلون بعضهم البعض أو الحيوانات البرية في الساحات العامة مثل الكولوسيوم في روما للتسلية وإظهار قوة الإمبراطورية، 

لكن على الأقل كانت روما دولة قوية. 

التاريخ لا يعيد نفسه، إنما البشر يكررون أخطاءهم، يمكن هذا الأمر قد يفسر في سياق فطري، ونحن نميل إلى الرأي القائل إن الشعوب التي لا تحتفظ بذاكرتها النقدية والتحليلية، تكرر ما يحدث في السابق وأحيانا بكل تفاصيله.

تنتشر هذه الأيام الاحتفاليات والمهرجانات في ليبيا العامرة غربا بعودة الحياة والعامرة شرقا بشارع الزيت والجسور الضخمة، حيث تتسابق الطبقة الحاكمة في ليبيا لإظهار قوتها ومدى سيطرتها على محيطها، وتحاول أن تُلهي من يقطن المناطق التي يسيطرون عليها عن ماذا يحدث في حياتهم ومستقبلهم، بل وأرضهم التي يعتقدون أنها آخر ما تبقى لهم.

حيث غربا وأثناء ما طرابلس الهادئة ظاهريا  والساخنة حتى الغليان حقيقة، تحاول أن تنجو من صراع مسلح كل من له عقل يعي أن مؤشراتها قد ظهرت.

 حسمت حكومة عودة الحياة والمهرجانات في طرابلس مسألة عدم تسليمها للسلطة،  وقد حاوطت نفسها بقوى عسكرية أصبحت ترى من خلالها استمرار تواجدها وهيمنتها على الحاضر والمستقبل في حال نجت من هذه الموجة، الموجة التي يقودها شخص واحد  يملك القوة العسكرية ومفتاح طرابلس في الوقت نفسه حسب ما يرى العديد من المراقبين، ونتحدث هنا عن قوة الردع الخاصة وأمرها، حيث على نحو غير رسمي أظهر دعمه وحمايته لصاحب مصرف ليبيا المركزي الذي لن يعطي لهذه الحكومة فلسا واحدا بعد تجاوزها لكل الخطوط الحمراء في عمليات الصرف التاريخية للمال العام،

في هذه الأجواء من التربص مازال هناك العديد من المتابعين يرون أن مشروع أمريكا القديم الحديث في استعمال الليبيين لوقف التمدد الروسي في ليبيا مازال قائما، ولا يخفى ذلك عن أي متابع دقيق، حيث زيارات الوفد العسكري الأمريكي مؤخرا للواء (444 )  المحبوب، ولواء (111 ) ، ورئاسة الأركان بقيادة صنم ناطق كما يراه العديد، هي مؤشرات واضحة لتحريك المياه الراكدة في هذا السياق.

هذا كله والمناورات العسكرية تحدث في مدينة سرت بقياد اللواء صدام حفتر الذي يبدوا أنه يحاول أن يبين مدى جاهزية قواته لصد أي تحرك عسكري باتجاه وسط ليبيا، هذا الوسط الذي يسيطر عليه الفاجنر منذ سنة 2019، ويبدوا أن العم سام كما يرى العديد أصبح يرى أن ليبيا هي (التبة) الأخيرة للتمدد الروسي الذي يحاول أن يربط مساحة نفوذه من شواطئ المتوسط إلى وسط أفريقيا، إلا أن هذه الخطوة لن تحدث حتى تترتب التوازنات الأمنية في المنطقة الغربية بشكل عام وطرابلس بالخصوص.

لا يختلف الأمر كثيرا جنوبا، حيث في ظل تمكن جنرال الرجمة في بسط سيطرة أبنائه على الجنوب بالكامل بدعم حلفائه (المؤقتين) الروس الذين كما ذكرنا يربطون مساحة نفوذهم من جنوب ليبيا، مرورا بالنيجر وصولا لوسط أفريقيا، ويبدو أن هذا الربط يقلق العم سام المنشغل في هذه الأيام بقتل أبناء الفلسطينيين في غزة.

شرقا يرى كل من له بصيرة أن صراع أبناء الجنرال عن طريق استخدام أدواتهم واضح جدا، حيث يتسابق كل من اللواء صدام حفتر وخالد حفتر لتجهيز الأرضية لهم على المستوى الاجتماعي والمستوى العسكري، ويحاول كل منهم أن يظهر مهارته في إدارة الملفات التي وزعت عليهم، علهم يرسمون صورة لآلهة جديدة ليقنعوا بها  شيوخ القبائل الكبيرة على كون كل واحد منهم يصلح أن يكون  وريث رمز الاستقرار والقوة!

هذا كل يحدث والحالة الاقتصادية في تراجع، ونقص السيولة في المصارف وارتفاع سعر الدولار المرتبطة بحركة صاحب مصرف ليبيا المركزيمستمرة ، وحجم التضخم العام في الأسعار ، وحكومة جديدة تتشكل، وحلم العودة إلى صندوق الانتخابات يتلاشى.

إن القرار في إحداث تغيير في هذا الواقع السيريالي الذي نعيشه مرتبطاً بجمهور الألعاب الجلادياتورية التي تحدث شرقا وغربا، هم وحدهم من يحدد هل يستمرون في مشاهدة المقاتلين، وهم يموتون لإمتاعهم، أو يسقطوا مسرح المهرجان ومن يديره،