اجتماعي

هل قوة الجنين من أمه ؟ ( الحبل السري العاطفي )

 هل قوة الجنين من أمه ؟ ( الحبل السري العاطفي )

 هل قوة الجنين من أمه ؟ ( الحبل السري العاطفي )

 

عند التحدث عن الأم والطفل يستهجن الكثير من النسويات الناشطات في مجتمعاتنا العربية حول هذه الجملة معبرين عن غضبهم حول محاولة إلصاق الطفل بالأم وأن دور الأب في هذا الملف لا يقل أهمية عن دور الأم بل ربما أكثر منها في بعض الأحيان ، وانطلق من هذا المبدأ إلغاء مصطلح أو فكرة بمعنى أصح من الأم والطفل إلى الأسرة والطفل وعدم إنفراد الأم لوحدها . 

ربما هذه الزاوية حقيقية ولا يمكن إنكارها أو التغاظي عن دور الأب وأهميته في تربية أبنائه تربية حسنة وسليمة ولكن هل يعني هذا أن دور الأب يتساوى تماماً مع دور الأم في تربية الطفل ؟! .. نحتاج إلى التفكير العميق والنظر إلى جوانب عديدة قبل الإجابة عن هذا السؤال . 

"قوة الجنين من أمه" هذا ليس عنواناً لمقالنا فقط بل هو مثل شعبي يقال للتأكيد على أهمية دور الأم في قوة وصلابة ورباطة جأش ابنها والذي يكون مستمداً منها بطبيعة الحال خلال نشأته وتربيته ، الأم هي المصدر الأساسي والطاقي لأبنائها قبل ولادتهم فنجد المرأة أثناء فترة حملها يوصيها الأطباء بنظام حياتي معين حتى يولد الطفل بشكل سليم وجيد على مستوى الجسد المادي "صحياً" والجسد المشاعري "معنوياً" .

إذاً الأم ليست شخصاً عادياً بل هي الملاذ الآمن و الوحيد بالنسبة لطفلها في هذه الحياة وحبله الطاقي يكون متصلاً بها ولا ينفصل عنها مع قطع الحبل السري ، فالأم لها دور كبير في هذه الحياة سواء كانت هي قوية أو ضعيفة أو كان دورها كبيراً أو صغيراً ستظل هي المؤثر القوي إما بالقوة لإبنها أو بضعفه ، فهي الشخص الوحيد الذي يمتلك كل الأسلاك والأفكار والمشاعر التي يحتاجها الإبن ليتكوّن مشاعرياً وفكرياً وحتى صحياً . 

المشكلة هو أنه للأسف الشديد أغلب أمهات العصر الحديث لا يعرفن أهمية دورهن بالنسبة لأبنائهن وينجبن فقط لغرض التكاثر ولا يعلمن أن وجود أبنائهن على هذه الأرض هو رسالة عظيمة ونبيلة وأن حملهن للقب الأم هو أسمى وأعظم شيء في هذه الحياة ، ولهذا السبب دائماً مانجد لقب الطفل لصيقاً بلقب والدته ومرتبطاً به بسبب هذا العقد الروحي بينهما . 

غالبية الأمهات يشعرن بما يشعر به أبنائهن سواء كانت هذه المشاعر إيجابية أو سلبية فالأم لها القدرة على فهم ابنها أكثر من أبيه ولها القدرة على التأثير بشكل مباشر وقوي في نفسية ابنها وتكوينه ولهذا السبب كلما كانت الأم قادرة على إدارة وقتها داخل المنزل وخارجه واستطاعت الاهتمام بأبنائها كلما كانت الأسرة هادئة ومستقرة وكلما كان وجود الأم خارج المنزل أكثر من وجودها داخله كانت الأسرة ضعيفة وهشة بسبب غيابها المتكرر على أبنائها في الوقت الذي يحتاج فيه هؤلاء الأبناء الاهتمام والرعاية والالتفات إلى مصالحهم

فيمكننا القول أن مسؤولية الأم في تربية الأبناء هي أكثر بكثير من مسؤولية الأب ولا يمكن أن تتساوى المسؤوليات بينهما ، فعاطفة الأب وحبه لأبنائه ليست كافية لتؤثر بذات الطريقة التي تؤثر بها الأم على ابنها وهذه هي الطبيعة البشرية الفطرية لا يمكن الانسلاخ عنها أو التنصل منها حتى مع الثورة الفكرية الحالية التي تنادي بوجوب المساواة في تربية الأبناء بين الأم والأب ، لا يمكن إنكار حقيقة وواقع ملموس نراه في تجاربنا وحياتنا اليومية كل يوم فمنذ ولادة الطفل على هذه الحياة تقوم الأم بتصدير كل الأفكار والمشاعر لهذا الطفل المولود بشكل تلقائي ولا شعوري . 

كما أن هذا الطفل يبحث بشكل تلقائي ولا شعوري عن امه طوال الوقت ويحتاج إلى رؤيتها أمامه لأنها هي مصدر الأمان والاستقرار العاطفي بالنسبة له على غرار أبيه الذي يبحث عنه وقت الترفيه والتسلية أو لفعل شيء ما يحتاج إلى قوة بدنية ، وهنا يكمن توزيع المسؤولية بين الأم والأب في تربية الأبناء فوجود الأب للطفل لا يقل أهمية عن وجود الأم فكما يحتاج الطفل للعاطفة والحنان من الأم يحتاج أيضاً للسند والحماية  والتعلم من الأب كونه المسؤول عن حماية أسرته وإسنادها فضلاً عن توفير الاحتياجات اللازمة لطفله وأسرته  . 

فمن المهم أن تعلم الأم حجم هذه المسؤولية الضخمة التي تقع على عاتقها وتدركها لتتمكن من بناء أسرة متزنة عاطفياً وفكرياً وتُنشئ جيلاً تنادي به الأمم .