طائرة ليبيا وسلتها تصفع الشلماني ( هل يستفيق ؟ )
تنطلق خلال أيام قليلة الدورة الرابعة والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التي تستضيفها ساحل العاج وتشهد مشاركة 24 منتخبا وطنيا لأول مرة في تاريخ البطولة، هل تعلم مواعيد مباريات منتخبنا الوطني في البطولة؟ بالطبع لا تعلم! فمنتخبنا لم يترشح للمشاركة في هذه البطولة أصلا، سيتبادر إلى ذهنك سؤال مشروع، كيف نفشل في الترشح إلى بطولة أمم أفريقيا حتى بعد رفع المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 24؟ 24 منتخبا يعني أقل بقليل من نصف المنتخبات التي شاركت في التصفيات ومع هذا نجح منتخبنا الوطني بقيادة اتحاد كرة القدم المحنك في الفشل في الوصول للبطولة.
أذكر خلال فترة تصفيات كأس أمم أفريقيا والأداء الباهت لمنتخبنا الوطني؛ خبرا سارا نشرته الصفحة الرسمية لاتحاد كرة القدم على فيسبوك باختيار رئيس الاتحاد عبد الحكيم الشلماني لعضوية إحدى لجان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، نشرت الصفحة الخبر مع صور شامخة للشلماني في مقاعد لجنة الاتحاد أفريقي وكأننا يجب أن نشعر بالفخر ونشارك الشلماني هذه الشمخة، فوجوده في اتحاد كرة القدم ليس ليطور كرتنا المحلية ويرفع من شأن دورينا ويقود منتخبنا لكأس أفريقيا والفوز بها أسوة بكل جيراننا، بل وإلى كأس العالم أيضا أسوة بكل جيراننا؛ وجوده في رئاسة الاتحاد محصور في استغلاله لهذه الصفة لمنافعه الشخصية التي من بينها عضوية لجان الاتحاد الأفريقي دون أن يكون لمنتخبنا أي بصمة بل وأي وجود في مسابقات الاتحاد الأفريقي.
قد يدافع البعض عن الشلماني واتحاده بضعف الإمكانيات وقلة الدعم، ولكن هذه حجة داحضة ومردودة، فمنتخبات مثل غينيا بيساو والرأس الأخضر وموريتانيا وتنزانيا وغيرها هي أقل منا بكثير في جانب الإمكانيات، ولا تتحدث أصلا عن جانب الدعم في هذه الدول، بل وفي معظم الدول الأفريقية، كما أن اتحاد كرة السلة الليبي قد دحض أي حجة قد يقدمها الشلماني واتحاده للفشل، فاتحاد كرة السلة الحالي تمكن في خلال أقل من ثلاث سنوات وبإمكانيات أقل ودعم أكثر قلة؛ من تنظيم دوري ناجح وقوي وتنافسي صار محطا لأنظار الكثير من عشاق كرة السلة خاصة في الدول العربية، كما أنه نجح في قيادة المنتخب الليبي لكرة السلة لمنصات التتويج على الصعيد العربي بعد حصوله على فضية البطولة العربية الأخيرة لكرة السلة التي أقيمت في مصر منذ أيام والتي تفوق منتخبنا خلالها على منتخبات ذات باع طويل في اللعبة مثل الجزائر والكويت وخاصة تونس بطلة أفريقيا ولم يخسر إلا أمام منتخب مصر الفريق المستضيف للبطولة.
كما أن اتحاد الكرة الطائرة هو الآخر قد نجح في تنظيم دوري قوي وتنافسي وبناء منتخبات وطنية قوية حتى على صعيد الفئات السنية التي نجحت في تحقيق نتائج باهرة آخرها الفوز ببطولة أفريقيا لفئة الناشئين والترشح لكأس العالم لأول مرة.
ومع فشله المستمر يرفض الشلماني ترك منصبه، ويرفض حتى تنفيذ حكم قضائي ببطلان انتخابه لأنه يعلم أن الدولة لن تقدم على إزاحته من منصبه بقوة القانون لأن ذلك يعني تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لحمايته، وفي حال فرض الدولة للحكم القضائي وإبعاد الشلماني بالقوة فإن الفيفا ستقرر حرمان الاتحاد الليبي لكرة القدم وأنديته ومنتخباته من المشاركة في كل البطولات والمسابقات العالمية والقارية لمدة لا تقل عن أربع سنوات، لأن الفيفا لا تعتد إلا بالاتحادات المنتخبة وفقا للوائح المحلية وترفض تدخل السياسة والقضاء في هذا الشأن، فالشلماني يعلم أنه فاشل ولم يحقق أي شيء لكرة القدم المحلية، وبعلم أن انتخابه لمنصبه الحالي باطل ومخالف للقانون بحكم قضائي يرفع الاختلاف والالتباس، ولكنه يعلم أيضا أن حكومة عودة الحياة لن تعزله مهما بلغ من الفشل لأنها لا تريد أن ينسب لها أنه في عهدها حرمت أنديتنا ومنتخباتنا من المشاركات الخارجية، ولكن والحالة هذه لماذا لا تضغط حكومة عودة الحياة على الشلماني للاستقالة أو لتحسين وضعه على الأقل، فحكومة عودة الحياة لا تريد أن يكتب في صفحتها إلى الإنجازات ولن يحقق لها الشلماني أي إنجاز مهما استمر في سدة الاتحاد الليبي لكرة القدم (وهو مستمر).
ولكن من جهة أخرى أليس من الظلم تحميل الشلماني وحدة مسؤولية الفشل، متى حقق منتخبنا الوطني لكرة القدم أي نجاح؟ لم نترشح لكأس العالم قط لا في عهد الشلماني ولا غيره، بل لم نترشح لكأس أفريقيا إلا في مرات قليلة جدا، وإنجازاتنا لا تتعدى الفوز بكأس أفريقيا للاعبين المحليين في طفرة استثنائية عام 2012 ومع هذا لا يعتبر الفوز بهذه الكأس إنجازا لأنها بطولة غير رسمية.
متى كان دورينا قويا وتنافسيا ونظيفا، لم نحقق هذه الصفات مع الشلماني ولم نعرفها قبله، ولم تفز أنديتنا بأي بطولة خارجية على الإطلاق، بل ووصول أنديتنا لمراحل متقدمة من البطولات القارية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة فلماذا نحمل الشلماني وحده مسؤولية الفشل؟ مسؤولوا أنديتنا أشبه برؤساء العصابات، لا يهمهم لا دوري ولا منتهب بل فقط التآمر لخدمة أنديتهم مهما كانت الوسائل والأساليب، ملاعبنا لا تصلح حتى للتدريب فما بالك بلعب مباريات تنافسية تحسن جودة اللعب واللاعبين، صحافتنا وإعلامنا وقنواتنا التلفزيونية لا تصلح بإمكانياتها الحالية لبث مباريات الدوري قبل عشرين سنة من الآن، مسؤولو الملاعب والجهات الأمنية مشجعون لفرق منافسة في الدوري ويعاملونها بطريقة تفضيلية تضع المنافسة في أجواء شبه مستحيلة.
كما أن نجاح اتحاد كرة السلة في تنظيم دوري ناجح و(نزيه) والوصول بالمنتخب الوطني لمراكز متقدمة لا يعني تفوق الاتحاد ورئاسته بالضرورة، فأجواء المنافسة الجماهيرية والرسمية في كرة السلة هي أقل بكثير من نظيرتها في كرة القدم، كما أن ظهور جيل استثنائي في لعبة معينة في مرحلة معينة لا يعني بالضرورة أن قيادة دفة اللعبة ناجحة ومتمكنة، فقد حدثت طفرات كهذه في عدة دول من قبل وفي منافسات عالمية ولم ينسب الإنجاز للاتحاد الرياضي بقدر ما حسب على جيل فذ من لاعبين أفذاذ جاءوا في طفرة زمنية فحققوا إنجازات اختفت باختفائهم، فمن ينسى الجيل الفذ الذي حقق إنجازا فريدا للدنمارك بالفوز بكأس أوروبا 1992، والجيل العبقري الذي جعل جمهورية التشيك من أقوى منتخبات أوروبا في منتصف التسعينات، أو معجزة اليونان في كأس أوروبا سنة 2004، والمسيرة الحافلة لكوريا الجنوبية في كأس العالم 2002، أو الجيل الذهبي الذي حقق لزامبيا كأس أفريقيا سنة 2012؟
مع كل ما ذكر، ومع اليقين بأن الشلماني لن يقدم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية ويقر بفشله وينسحب، ما علينا إلا أن نتمنى له التوفيق في قيادة دورينا ومنتخباتنا، فنجاحه سيكون نجاحا لنا جميعا، وفشله المتوقع هو استمرار لفشلنا المعتاد في الرياضة وفي غيرها.