من كان وراء استقرار شبكة الكهرباء؟
الجميع في ليبيا يتذكر تلك السنوات التي قضيناها ونحن نتلمس أي مكان بارد نلجأ إليه هربا من حر الصيف الذي حاصرنا نتيجة فقدان الكهرباء، وتحول صوت عودة الكهرباء (للمكيف) شبيه بصوت أم كلثوم، وهي تنادي (أروح لمين) .
هذا المشهد السريالي عشنا معه وبه سنوات لم تكن قصيرة، وسمعنا حينها تبريرات السلطة التنفيذية لعجزها عن المحافظة على استقرار شركة الكهرباء، هذه الشركة التي تغير مجلس إدارتها أكثر من تغير عدد مرات موقف عقيلة صالح السياسي!
لم يأت الحل، حتى جاءت حكومة عودة الحياة.
وسمعنا خبراً مفاده تعيين (محمد عمر المشاى) رئيساً لمجلس إدارة شركة الكهرباء، وقد كان سابقا يرأس جهاز الرقابة الإدارية، لم يتوقع الليبيون منه الكثير، خاصة كونه (دكتور أسنان) بمعنى أنه ليس من أهل المجال، وليس من أبناء الشركة، الأمر الذي لم يرتفع معه آمال وطموحات الليبيين كثيرا بتحسن الوضع ، لكنه بمجرد أن استلم الأمر، وفي غضون شهرين، أصبحت ملامح استقرار الشبكة الكهربائية تتضح إلى حد كبير، وأصبحت النشرات الإخبارية الخاصة بشركة الكهرباء حول وضع الشبكة أكثر دقة، ومصدرا للتفاؤل، بعد ما كانت مصدراً للبؤس، لتتوالى النجاحات عن طريق إعادة صيانة وتعمير وإدخال العديد من المحطات للخدمة، ورفع رواتب الموظفين العاملين في الشركة، وزادت بشكل ملحوظ نسبة استجابة مكاتب الشركة في البلديات للأعطال التي تحدث، وتحول موظفي وفنيي شركة الكهرباء الى صورة ملائكة الرحمة بالنسبة لليبيين.
وجاءت بعد هذه الانفراجة مجموعة أسئلة مشروعة
وهي؛ لطالما كان بالإمكان إصلاح وضع الكهرباء بهذه السرعة؟ لماذا لم يحدث ذلك في السنوات الماضية؟
من كان وراء تعذيب الليبيين كل هذه السنوات؟ وهل الأمر حقيقة كان بهذه السهولة؟ أم أن المشاي يملك عصا سحرية؟
يرى العديد أن المسألة لم تكن أموال فقط، فقد صرفت الحكومات المتعاقبة في السنوات الماضية أرقاما تكفي لإنارة أفريقيا بالكامل، إلا أنها لم تتمكن حتى من تقليص ساعات (هروب الضي)، والوضع الأمني بشكل عام لم يختلف كثيرا، فما زال الوضع قريبا للسنوات الماضية مع استقرار نسبي في مسألة الاشتباكات الكبيرة، بل كان في السابق مجرد أن نسمع صوت الرصاص نعلم جيدا أنه سيصاحبه صوت (هروب الضي)، أما الآن فالإشتباكات تدور في وسط العاصمة، ونحن نتابعها من بيوتنا العامرة بالكهرباء.
لهذا يرجح البعض أن هناك دورا واضحا لمن يدير في شركة الكهرباء، حيث هناك خطة واضحة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للشركة، وهناك من يرى أن المشاي يحظى بدعم من قبل بعض التشكيلات المسلحة التي كانت حريصة على نجاحه، ولو صدق هذا التحليل، فهناك أمر لم نره بعد.
إلا أنه في الأحوال جميعهم لا يستطيع أحد نكران مقدرة المشاي على إعادة الحياة للشركة أولا، ولليبيين ثانيا.
ففي ظل موجة الحر التي ضربت المنطقة بالكامل، وتضررت منها بشكل واضح تونس ومصر والأخيرة مازالت تعاني انقطاع الكهرباء حتى الآن، بقي الليبيين باردين صيفا ودافئين شتاءا نتيجة إدارة المشاي لهذه الشركة ومقدرته أيضا على إنهاء أغلب المعوقات التي كانت حائلة دون تمكن الليبيين من الحصول على حقهم في الكهرباء،
أيضا تمكن من إعادة عملية سداد فواتير الكهرباء من قبل المستهلكين خاصة أصحاب المشاريع الاقتصادية، وتم تحديث الكثير من ساعات الكهرباء في المنازل، وهناك محاولات لخلق ألية أكثر دقة لسداد فواتير الكهرباء عن طريق بطاقات رقمية في المستقبل.
نحن هنا لا نتوقع المستقبل، فلا توجد حتى الآن أي مؤشرات حقيقية نستطيع أن نستند إليها لنقول إن مشكلة الكهرباء قد انتهت بالمطلق، فالأمر قد يعود في أي لحظة، أو لا يعود مطلقا، فهذا مرتبط بمقدرة المشاي على تأسيس ألية عمل لا ترتبط به شخصيا، لنضمن عدم تكرار ما حدث .
وحتى يحدث ذلك، أو لا يحدث ، فلنستمتع بكهرباء المشاى.