السياسي

هل يراهن الليبيون على ظِل أمير ؟ (العودة إلى آمون)

 هل يراهن الليبيون على ظِل أمير ؟ (العودة إلى آمون)

 هل يراهن الليبيون على ظِل أمير ؟ (العودة إلى آمون) 

 

خلال العشر السنوات الماضية التي يبحث فيها الليبيون عن ذاتهم، خرجت العديد من الإجابات عن السؤال الوجودي الذي فرض نفسه بعد إسقاط النظام العالمي الكوني منقذ البشرية، الذي أرجع ليبيا إلى مصافي الدول الرائدة في العالم، كيف سنبني دولة؟ ومالنظام الذي يجب أن يُطبق ؟ 

تكررت الإجابات، وحاول الليبيون أن يستحضروا كل التجارب التي مروا بها خلال السنوات الماضية، علهم يجدون فيها ضالتهم، ويجمعوا شتاتهم، وقد كانت من ضمن هذه الإجابات العودة (للشرعية الدستورية ) 

ما هي الشرعية الدستورية؟ 

يقول أصحاب هذه الرؤيا أنهم يقصدون بالشرعية الدستورية هي أن نعود ونسلم البلد لولي العهد محمد الحسن الرضا السنوسي، الذي يعتبر أبوه هو (نائب الملك) إدريس السنوسي حسب ما جاء على لسانه أثناء تنازله على منصبه عندما قام الضباط الأحرار بانقلابهم في سنة 1969، وخرج بعدها خارج البلاد، في هذه الأثناء كان الملك إدريس السنوسي موجوداً خارج ليبيا، ولم يُقدم على أي إجراء ضد هذه العملية الانقلابية، وفضل السكوت، وأكمل ما تبقى من عمره في منفاه الاختياري في القاهرة بدولة مصر.

الجزء الثاني من مفهوم الشرعية الدستورية هي العودة إلى دستور المملكة، وهذه الخطوة تنقسم إلى فريقين، فريق يتبنى دستور المملكة الذي يقضي بكون ليبيا ثلاثة أقاليم، وفريق يتبنى دستور المملكة المُعدل بكون ليبيا دولة واحدة، والفريقان يرفعان شعار الشرعية الدستورية. 

وقد بدأ أمير ليبيا المنشود مجموعة من الاتصالات بالعديد من الشخصيات الليبية على مستوى القطر الليبي مؤخراً، من مصراتة وأعضاء من المجلس الأعلى للدولة وشخصيات أكاديمية وشخصيات ذات وزن اجتماعي ومالي داخل عاصمة ليبيا الأولى إسطنبول! ولم يُقدم الأمير الشاب أي رؤيا واضحة لمشروعه في ليبيا، وحلحلة الإشكاليات العميقة داخل المجتمع والدولة. 

يرى العديد أنه من الطبيعي في ظل الفوضى التي تعيش فيها البلاد، أن ينادي البعض بعودة الملكية، علها تكون نقطة ممكن أن يلتف عليها الليبيون بجميع طوائفهم كما حدث في السابق، لكن السؤال هنا- 

هل الوضع كما هو في السابق؟ وهل الليبيون في عهد المملكة هم نفس الليبيين اليوم؟ 

يرى من يعارض جدوى المنادى بعودة الملكية، حيث لم تعد هناك قاعدة ممكن الانطلاق منها لهذه الدعوى، كون أن نائب الملك الحسن الرضا قد تنازل عن منصبه بمحض إرادته، وهذا لم يحدث مثلا في مصر، حيث خرج الملك فاروق بعد يوم الانقلاب من مصر، ولم يتنازل عن العرش لأحد، فإن دعا أحد من سلالته بعودة مصر الملكية ، قد يكون له وجاهة في دعواه، لكن لا يستطيع محمد الحسن الرضا ابن الحسن الرضا نائب الملك المُتنازل عن منصبه من إيجاد أي منطق لدعواه بصفته الأمير محمد الحسن الرضا (الشرعي)؟! 

حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن هذا المشروع انتهى، وإن أراد السيد محمد الرضا الدخول في سباق رئاسة ليبيا، فله ذلك بعيدا عن عباءة المملكة الليبية التي أصبحت جزءاً من تراث ليبيا السياسي ، كما أن ليبيا اليوم بعد التغيرات التي مرت بها على المستوى السياسي والمجتمعي وتوازن القوى في ديمغرافية ليبيا، ومطالب الأعراق الليبية الأصيلة المشروعة، لم يعد هناك مساحة ممكن لمشروع المملكة الليبية أن تستوعب كل هذه المتغيرات، لهذا يرى أصحاب هذا الرأي أن هذا المشروع قد مضى وقته. 

من جهة أخرى هناك من يرى أن  كون ليبيا تُحكم من عائلة يُسبّح الشعب كله بحمدها ليلا نهارا، ويتوارثون حكم الناس فقط بناء على جيناتهم، هي فكرة لم تُعد متصورة في ظل حالة الانفتاح الكبير في الأفكار التي تمر بها ليبيا والعالم بشكل عام، حيث لم يعد هذا الجيل يقبل فكرة (الآلهة البشر) وأن من حق الناس أن تعمل في الشأن العام، وأن تُساهم في تحديد من يدير شأنها، وكون أن هذه الإدارة غير مقدسة ولا محمية من النقد والمُطالبة بتغييره في حالة ساءت الأحوال، حيث هناك العديد من الليبيين رغم سوء الوضع الحالي، إلا أنهم ما زالوا يتمسكون بفكرة إمكانية تأسيس دولة مدنية قائمة على دستور يُقره الشعب، ويحدد ضوابط السلطة الحاكمة التي تتحرك من خلاله، بعيدا عن فكرة الآلهة الفرد. 

ما زال الليبيون يبحثون داخل رمال ليبيا، عن ماذا يريدون، وكيف سيعيشون مع بعضهم، ومن هم؟ وما هو النظام السياسي الذي سيقرِرونه، لهذا يرى العديد من الليبيين أن من يريد أن يقدم نفسه لهم يجب أن يكون ضمن رمال هذه الأرض، ولا يخاطبهم من مدينة الضباب حيث البرد يقتل كل ماهو ساخن ، ولا يتقمص دور الالهة أمون الذي كان قدماء الليبيون يعتقدون به سابقا ، فمن يلتفت إلى الوراء كثيراً لن يرى المستقبل بشكل جيد …