ماذا يريد عبد الله باتيلي؟
يبدوا أن عبدالله باتيلي قبل صدورقانون الانتخابات الرئاسية والتشريعية من مجلس النواب ، ليس هو عبد الله باتيلي بعدها ، تحديدا في تفاعل القوى السياسية معه ، ومع مايقترحه بخصوص الوضع السياسي في ليبيا ، حيث يرى البعض أن تصريحاته حول مسألة وجوب إيجاد صيغة توافقية بين الأطراف السياسية ، تجاوزا للبرنامج المعمول به سابقا ، والقاضي بأن بمجرد صدور القاعدة القانونية للانتخابات من قبل لجنة 6 + 6 ، من المفترض الذهاب بشكل مباشر للانتخابات القاضية بإنهاء المرحلة الانتقالية التي تمر بها ليبيا .
وقد كان مصدر تصريحات المبعوث الاممي بخصوص وجوب إيجاد توافق سياسي بين القادة السياسين في ليبيا قائم على رفض المجلس الأعلى للدولة القوانين التي صُدرت من البرلمان بخصوص الانتخابات ، حيث إعتبر المجلس أن النسخة التي أخرجت من البرلمان على أساس كونها قانون كانت مخالفة للتوافقات التي أجريت بين المجلسين في بوزنيقة المغربية خلال العام المنصرم ، الأمر الذي يرون فيه أنه إخلال بالإتفاق الذي أنشأ على أساسه لجنة 6 + 6 ، وقد قام المجلس الأعلى بحل اللجنة ، واعتبرها انها أصبحت لاتمثل حالة التوافق بين المجلسين ، وهذه السردية تؤيدها حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس .
في نفس السياق يرى مجلس النواب ومؤيدوه ، أن الذهاب إلى الانتخابات مرتبط بتشكيل حكومة مصغرة تُشرف عليها ، وأن حكومة الدبيبة ليس بالإمكان أن تشرف هي على الانتخابات ، من باب أنها جزء من العملية الانتخابية ، حيث أن رئيسها عبد الحميد الدبيبة كان قد ترشح في السابق للإنتخابات الرئاسية التي كان من المُزمع عقدها في نهاية ديسمبر ( 2021 )، بالتالي يرون أنه ليس من الممكن أن تكون جزء من الانتخابات وتشرف عليها في نفس الوقت ، ناهيك على إتهامها بشراء الذمم والخوف من تزوير الانتخابات كما جاء على لسان رئيس البرلمان عقيلة صالح .
هذا النقاش يحدث والعد التنازلي لموعد الانتخابات قد بدأ ، حيث توجد مادة واضحة في القوانين الانتخابية الصادرة تقول أن بعد إستلام المفوضية العليا للإنتخابات القوانين الانتخابية ، يكون موعد الانتخابات بعد الإستلام 240 يوم ، وقد إستلمت رسميا المفوضية العليا للإنتخابات القوانين من مجلس النواب ، وعمليا نحن الأن في العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات والذي من المفترض أن يكون وفقا للقانون مع بداية شهر أبريل 2024 ، وإلا حد الأن لايوجد صورة واضحة لكيفية البدأ بهذه الانتخابات ، رغم أن المفوضية العليا للانتخابات كانت قد صرحت أكثر من مرة ، أنها مستعد لإجراء الانتخابات في المواعيد الانتخابية المحددة ،
إذا أين الإشكال ؟
الإشكال أن العديد من المطلعين على الشأن الليبي يرون أن العملية الانتخابية ونجاحها ليس مرتبط فقط بخروج القوانين الانتخابية ، حيث تعتبر الشخصيات الجدلية التي من المتوقع أن تترشح للإنتخابات إشكال بحد ذاته ، ونعني هنا بالتحديد سيف الإسلام القذافي ، حيث هناك من يعتقد أن أحد اهم أسباب تأجيل الإنتخابات الماضية هو ترشحه ، وأن هذا الأمر تم بضغط أمريكي على المفوضية العليا للإنتخابات ، حتى تخرج وتصرح بأن هناك تحديات أمنية تمنعها من إجراء انتخابات عادلة في الموعد المحدد لها ، إضافة إلى التخوف الموجود على الساحة السياسية اليوم من مسألة قبول نتائج الانتخابات للطرف الخاسر في الانتخابات ، حيث غياب الإطار القانون أو التوافقي على هيئة إتفاق موقع عليه من قبل جميع المتداخلين في العملية الانتخابية ، يترك الأمر مفتوح لتكهنات ، وطبيعي جدا بل ومتوقع أن يرفض من يخسر الإنتخابات نتائجها ، ويعيد المشهد السياسية إلى نقطة البداية ، عن طريق حرب خاطفة ، أو غلق الحقول النفطية ، أو إعلان إستقلال أحد الأقاليم الليبية التاريخية ، المهم إفشال العملية الانتخابية ومخرجاتها .
ويبدوأن هذا مايخشاه الممثل الأممي بقوله أنه يجب أن يكون هناك توافق على القوانين الانتخابية من قبل القادة السياسيين في ليبيا ، قبل الشروع في إجراء العملية الإنتخابية نفسها ،وهذا ما يعتبره البعض قفز على مخرجات لجنة 6 + 6 ، وأنه ليس من حق المبعوث الأممي أن يعلق على الوضع الانتخابي ، ويرى أصحاب هذه الفكرة أن المبعوث الأممي يبدوا أنه يميل إلى فكرة إستمرار حكومة الوحدة الوطنية حتي تتم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، وإنتقال البلد إلى وضع سياسي جديد ، لهذا تتعالى الأصوات منددة لكل خطوة يقوم بها المبعوث الأممي .
إننا هنا نعتقد أن الفكرة الأساسية التي من المفترض أن نعمل عليها هي أهمية أن تكون الإنتخابات القادمة ألية لنقل حال الليبيين إلى وضع أفضل مما هو موجود الأن ، لأنه في كل مرة لا نستطيع إستخدام الانتخابات كألية لتحسين الوضع ، تتعمق فكرة في العقل الجمعي الليبي أن الانتخابات ليست هي الألية التي من المفترض أن نعتمد عليها لتحسين الوضع ، ولنقل السلطة بشكل سلمي عن طريقها ، لأن في تجربتنا إلى حد الأن لاتقوم إلا بإشعال الحروب ، لهذا يجب أن نحرص جميعا على إنجاح الإستحقاق الإنتخابي بما يضمن وضع وحال سياسي أفضل مما نحن عليه .
وإن نجحنا في ذلك ، فلنا أن نقبل او نرفض حينها رأي باتيلي أو غيره !