اجتماعي

عنده حوش وسيارة ! شن مازال تبي ؟ ( الوردة المسمومة )

  عنده حوش وسيارة ! شن مازال تبي ؟ ( الوردة المسمومة )

  عنده حوش وسيارة ! شن مازال تبي ؟ ( الوردة المسمومة ) 

 

العديد من الفلاسفة والمنظرين الإجتماعيين يعتبرون الأسرة نواة المجتمع ، وعامل من عوامل إستقرارها ، وتؤثر بشكل مباشر على البنيان الهيكلي لأي مجتمع ، وصحته النفسية وسلوك أفراده خاصة في تلك المجتمعات المرتبطة ببعضها البعض بشكل متشابك ، وتُقدم في شبكتها الاجتماعية أحيانا على الفرد نفسه ، مثل مجتمعنا المحافظ صاحب المليون حافظ للقرأن ..! 

وأي أسرة بدايتها رجل وإمرأة يحملان فكرة إنشاء مشروع ، نعم الزواج مشروع إجتماعي وإقتصادي وتوازن نفسي كما يقول الأستاذ ياسر الحزيمي ( آنه لا يوجد سكن  للرجل في حياته إلا مع زوجة ولا يوجد سكن للمرأة في حياتها إلا مع زوج )  ، لأنه يارعاك الله لم يعد الأمر مُقتصر على كونك أو كونكِ مسؤولة أو مسؤول على إستمرار الجنس البشري فقط  ، كما كانت الفكرة في البداية ، لأننا اليوم كبشر على هذا الكوكب تجاوزنا الثمانية مليار ، لهذا لنتفق أولا ، أو لا نتفق إن شئتم أنه مشروع . 

وباعتباره مشروع مشترك فأساس الزواج هو وضوح شروط كل طرف في هذه الشراكة أثناء التعاقد ، حيث يحق للرجل شرعا وقانونا كما يحق للمرأة شرعا وقانونا أن تُقدم أو يُقدم طلباته وطلباتها ومعاييره ومعاييرها للشريك التي أو الذي  من المفترض أن تُأسس معه المشروع . 

قد يقول قائل أن كل ماذُكر من البديهات ، إلا أنني هنا أقول أنها ليست من البديهيات ، على الأقل في بلدنا ومنطقتنا بشكل عام .

نعم الرجل يملك المقدرة الاجتماعية في تجهيز قائمة معاييره لمن ستشاركه مشروع الزواج ، إلا أن المرأة في مجتعنا على عكس ذلك ، بمعنى أنها إن جرأت وخلقت لنفسها قائمة بمعايير من تريد أن تشاركه مشروع الزوج توسم بأنها ( شايفة روحها ) ويتم تحشيد كل الأصوات الموجودة في بيئتها الأسرية والعملية لترسيخ هذا الوسم ، ويتم التشكيك في عقلها وإتزانه ، بل يصل الأمر إلى تقديم طلب للأمم المتحدة لمحاولة إقناعها بآن تعرض نفسها على طبيب نفسي ، أو قد تُضيع أمها الوقت والمال بحثاً على ذلك ( السحر ) الذي قد يكون مدفون في أي بقعة من بُقع هذه الأرض ، المليئة بالدم والنفط !! 

يتضح هذا المشهد جليا عندما تتجاوز الفتاة الخامس والعشرون من عمرها ، حينها يقوم المجتمع بأكمله من رئيس الحكومة إلى سائق السيارة الذي يمر بجانبها في الطريق بقلب ساعة الرمل ، هذه الساعة الذي يعتبرها المجتمع أنها موعد الزواج ، ويفكرني هذا المشهد بموعد التزاوج عند البطاريق ، إلا أن أنثى البطريق  تختار بحرية من سيشاركها مشروعها ، دون أن يكون هناك جُمل مركبة بشكل سمج ( مافيش دبلة ) ( خيرها بنتك لتو ) ( عانس أكيد حرفة) ( فاتها القطار ) ( من بيرضى بيها ) ( كان باهية راهو لقت راجل )  ( بنتك عندها الصدة ) والقائمة تطول أكثر من ذلك بكثير . 

إن هذا الضغط المجتمعي الذي يحيط بالمرأة من كل جانب يتشابك في مشهد سيريالي جدًا مع أول ذكر يقرر أن يتقدم للفتاة ، وتنزل تلك الجملة السطحية في معناها والعميقة في أثرها ، ( عنده حوش وسيارة شن مازال تبي ) حيث تجد المرأة نفسها وشبكتها العصبية أمام طوفان من الضغط النفسي ، والذي بدوره يُدخل لها ذلك الشك المملوء بأسئلة تطوق الدماغ بشكل كامل ، وتفرض هذه الأسئلة نفسها ، ( هل أنا مخطئة ؟  هل يجب أن لا أتشبت بمعاييري ؟  هل أنا لا أملك منزل أو سيارة حتي أشترك مع شخص في مشروع قد يأخذ مني عمري بالكامل ، فقط لأن لديه ( حوش وسيارة  ؟ ) 

ينقسم النساء هنا إلى فئتين ، الفئة الأولى تصاب بالإعياء من الفيضان ، وتُسلم ، وتقول ( زيني زي غيري ) والفئة الثانية ترفض ، وغالبا مايعاقبها المجتمع على هذا الرفض ، وتوسم بما كنا قد ذكرناه سلفاً ، وتُصبح تماماً كالوردة المسمومة في نظر المجتمع ، تُرى من بعيد ، لكن لاتُقطف . 

أن مجتمعنا اليوم مهيئ ليعيش فيه الرجل فقط ، هو من يختار شكله ولونه وطعمه ، وله المعايير ، وللمراة قبول ذلك ، والدخول في مشروع الزواج وفقا لهذه الرؤيا ، فعندما ينجح في إستكمال قائمة معاييره ، ويطرحها في الشوارع ، تقف كل الفتيات في طابور طويل أوله صالة الأفراح وأخره مجمع المحاكم ، وإنها مغامرة تستحق العناء ، لأنه حقيقة يملك حوش وسيارة  !!

ان كاتب هذا المقال لا يدعم فكرة الإنحياز إلى النساء فقط لغرض الإنحياز، وليس مناضل في ساحات المحاكم النسوية ، ولا يبحث عنهم ، ولا يبغي من هذه الكلمات شيئاً مادياً ، إنه ببساطة أب لوردتين ، قرر عندما منحه الله إياهما ، أنه لن يقبل ولن يربيهم أن يقبلوا بفكرة كونهم ( وردة مسمومة )