لماذا يلاحق (ولد الشايب) أصحاب الفكر الجماهيري؟
المشاريع السلطوية لا تلتقي، ولا يمكن أن يكون بينها شراكة في نفس النطاق الجغرافيا، كل التجارب السابقة تقول ذلك، لهذا قلنا من البداية أن تحالف أنصار الفكر الجماهيري الخالد الذي أوصل البشرية لنهاية المطاف مع مشروع الكرامة أنها شراكة الزيت مع الماء.
لا يستطيع أحد أن ينكر التحالف الذي حدث بين الجنرال حفتر وأنصار الفكر الجماهيري، اعتقادا من الجنرال أنهم سيكونون زاد له في تشكيل قواته المسلحة، واعتقاد أنصار الفكر الخالد أنهم سيستعملون عربة الكرامة للعودة إلى حكم ليبيا مجددا.
حيث في البداية فتحت المنطقة الشرقية لعودة كل أنصار النظام السابق، وأنا هنا أتحدث عن القيادات الملاحقين، وليس المواطنيين العاديين، إضافة لتقلد بعض القيادات العسكرية المحسوبة على النظام السابق لمناصب في مشروع الكرامة، وأصبحت القبائل والمناطق التي تم اضطهادها خلال العشر سنوات الماضية من قبل أنصار فبراير أرض خصبة لمشروع الجنرال كونه شريكاً وممثلاً وثوب جديد لأصحاب الكتاب الأخضر.
تجد هذا التحليل جلياً مثلاً في مدينة ترهونة التي قررت الانحياز لمشروع الكرامة، رغم أن الجغرافيا السياسية تقول إن التحالف مع أعداء محيطك غير مجدي غالبا، خاصة عندما يكون حليفك مضاربه تبعد عنك ألف كيلومتر، حيث من المتوقع في حال خسرت الرهان أن تجد نفسك في حالة تهجير كاملة، وللأسف هذا ما حدث مع ترهونة.
أيضا ما يعزز هذا تحليل أن هناك تحالفاً حقيقياً نشأ بين الطرفين، وهذا بينه بجلاء تصريحات بعض القيادات المحسوبة على اتباع النظام الجماهيري أمثال المرحوم (أبوزيد دوردة) عندما صرح في لقاء صحفي عقب إطلاق سراحه أن الذي لا يؤيد الجنرال حفتر ومشروعه هو إما (طالب سلطة – أو إرهابي – أو عميل) وذكر أيضا أن مشروع الكرامة هو مشروع وطني يسعى لتأسيس جيش ولائه للوطن وليس لفرد.
كما كان (الموسيقار) وهي عنوان لصفحة إلكترونية على شبكة التواصل الاجتماعي (فيس بوك) مؤيدة للنظام الجماهيري العالمي قد تبنت خطابا داعما لمشروع الكرامة، ولم يبخل علينا الشاعر والقيادي البارز في النظام الجماهيري (علي الكيلاني) بقصايد وأغاني تؤيد مشروع الكرامة وجيش ليبيا المنقذ، كل هذه الشواهد برهنت أن العلاقة بين الطرفين قائمة ومستقرة.
لكن من الواضح أن فترة التحالف بين الطرفين قد أعلن نهايتها عندما ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية التي كان من المزمع عقدها سنة 2021، واتضح ذلك بشكل جلي عندما حاصرت وحدة عسكرية تابعة للواء 166 معززاً برئاسة (صدام حفتر) مبنى المحكمة في مدينة سبها التي كانت تنظر في الطعون المقدمة ضد المترشح سيف الإسلام، وتم تأخير صدور حكم المحكمة لليوم التالي، كما تم القبض على بعض المواطنين الذين احتشدوا لتأييد ترشح سيف الإسلام لرئاسة ليبيا، ويبدوا أن أبناء الجنرال شعروا بالخطر من نسبة التأييد التي يملكها سيف الإسلام، من داخل المعسكر نفسه الذي ينشطون فيه ومن خلاله.
وفي الوقت التي كان يوم الأول من سبتمبر في كل سنة هو يوم احتفاء مسموح به في كل القطر الجغرافي الذي يحكمه الجنرال بذكرى ثورة الفاتح العالمية، أصبح اليوم موعد (للجري) بالنسبة لأنصار الفكر الجماهيري هربا من ملاحقة قوات أبناء الجنرال لهم، بتهمة تهديد السلم العام للدولة الليبية .
إن الانتهاكات الصارخة التي تحدث اليوم لأنصار الفكر الخالد تفكر الجميع بتلك الانتهاكات التي مرت على أبناء هذا الوطن عندما حاولوا أن يفكروا في أي شيء خارج صندوق الكتاب الأخضر، وإن مشهد (جرافة صدام حفتر) وهي تهدم في بيت المواطن (عمر بن شرادة القذافي) لا تختلف كثيرا عن مشهد هدم بيت المواطن (عثمان زرتي) الذي اتهم بخيانة النظام الجماهيري، السلوك واحد، والتبرير واحد. رغم اختلاف أسماء المنفذين.
ولو كان جيش الجنرال حفتر جيش ليبيا كما ذكر لنا المرحوم (أبوزيد دوردة) لما رأينا فرقة تتبعه تلاحق شباباً يحاولون التعبير عن آرائهم على نحو سلمي، ولا أعتقد أن من مهام الجيوش الوطنية التابعة لمؤسسات تمثل دولة حقيقة ملاحقة الأطفال، وهدم بيوت الناس.
إن انتقاد أي شخص أو قيادي ينتمي إلى الفكر الجماهيري مشروع الكرامة أو جيش الجنرال اليوم غير مقبول منطقيا ولا أخلاقيا، حيث المنطق يقول أنهم كانو رفقاء السلاح على أسوار طرابلس الغرب، وأخلاقيا يقول المثل الليبي (يلي تشكره يصعب عليك الذمة) فما بالك بوصفه بالمجرم
إن الأنظمة الشمولية السلطوية القائمة على إيصال فرد لمرحلة الآلهة، تتبنى السلوك نفسه منذ فجر التاريخ وحتى نهايته، لا تلتقي، ولا تتنازل لبعضها، ولا ترحم مخالفيها، ومن يعتقد خلاف ذلك، فلينظر إلى (بوهادي 2023) و (بني وليد 1993 )
أما نحن جموع المتفرجين نقول، إن الإنسان خُلق حراً، وليس من حق أي أحد أن يهدد حياة أي إنسان لمجرد أنه خالفه في الرأي أو الفكر، وأن الوطن ملك الجميع، ولا يملك أحد صك امتلاك له وحده دون غيره، سواء كان هذا الشخص (معمر القذافي) أو (خليفة حفتر )
لهذا نقول لجمهور الشخصين، إننا نراكم جيداً، ونشفق عليكم.