من ضحى بالمنقوش( ولماذا أكلتها أسماك روما ؟ )
خلال الأيام الماضية خرجت أنباء صحفية أكدتها جهات رسمية بأن وزيرة الخارجية الليبية نجلاء ( صورني )قد عقدت اجتماعا رسميا مع خارجية (الكيان الصهيوني) في العاصمة الإيطالية روما، وتباحث الطرفان إمكانية خلق علاقة غير شرعية بينهم.
تلقى المجتمع الليبي هذه الأخبار بغضب كبير من غرب البلاد إلى شرقها وجنوبها، وترجم هذا الغضب لإحتجاجات واسعة نتج عنها إجراءات أمنية تم من خلالها القبض على بعض المتظاهرين.
ويبدوا أن هذه الخطوة (المرتعشة) التي قامت بها حكومة الحظ هي من أجل استيعاب تبعات جلسة مجلس الأمن الأخيرة، والتي أعلن فيها المبعوث الأممي في ليبيا عبد الله باتيلي أنه من الممكن اليوم التفكير في حكومة جديدة تدير الانتخابات القادمة في ليبيا، كما صرحت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها لوجود حكومة جديدة تدير الانتخابات التي طال أمدها في ليبيا , هذه التصريحات زادت من تصدع بناء حكومة الوحدة الوطنية في طريق السكة، وجعلتها تفكر كأمثالهم من السُلط السياسية في المنطقة، التي لا ترتكز على قاعدة شعبية حقيقية تجعلها تستمر، بل تُهرول على نحو سريع باتجاه (شحاتين الاعتراف) من أجل استخدامهم للضغط على البيت الأبيض لتغيير موقفه .
إلا أنه في الوقت ذاته يرى البعض أن من أشار على الدبيبة لأخد هذه الخطوة طمأنه من تبعاتها، بمعنى أنه في حالة نقض (شحاتين الاعتراف) بالاتفاق الذي يقضي بعدم إخراج اجتماع روما للعلن نستطيع أن نحمل المسؤولية (للمنقوشة) ونقول إن هذه الخطوة إتخذت من طرفها بشكل أحادي، أما في حالة أنهم لم يخرجوا خبر الاجتماع للعلن، فقد نضمن دعمهم داخل أروقة الإدارة الأمريكية لتغيير موقفها من استمرارنا في حكم هذا الشعب الصبور.
ولا توجد خيارات كثيرة أمام الدبيبة ، إلا الرهان على قفزة في الوحل، فقد يتمكن من إطفاء النار التي قد تنهيه، ومستعد أن يتحمل تبعات هذه القفزة والمتمثلة في الروائح الكريهة التي ستعلوه ، المهم الاستمرار ودونه يضحى بكل شيء .
ما يعزز منطقية هذا التحليل أن الدبيبة لم يُقيل المنقوشة من منصبها، بل أحالها إلى التحقيق ، والليبيون يعلمون جيدا ماذا يعني إحالة مسؤول للتحقيق الإداري!، بالتالي كسب وقت أكثر لتفادي ارتدادات هذه الخطوة، والتعويل على ذاكرة السمكة التي انشهر بها الشعب الليبي، حسب اعتقاده.
أما ما جعل حكومة (شحاتين الاعتراف ) إخراج الاجتماع للإعلام، كما يرى بعض المحللين، هي محاولة منهم لكسب انتصار دولي جديد ، يواجهون به المعارضة الشرسة التي تواجههم في الداخل، إضافة إلى المظاهرات الكبيرة التي تغطي القطر الذي يحتلونه من قبل من يقولون أنهم مواطنوهم (وهي تجميعة لبشر يحملون جنسيات مختلفة ).
أما الحكومة الليبية فهي الآن تحاول إزالة الرائحة التي تعلوها من الوحل الذي انغمست فيه عن طريق زيارة الدبيبة لسفارة فلسطين في طرابلس، كما أعطى أوامره للابن البار للحكومة محمد إسماعيل بوضع علم فلسطين على كل شاشات العرض في العاصمة طرابلس ، وخرج علينا أيضا وزير الاقتصاد بقرار يؤكد من خلاله استمرار ليبيا بحظر المنتجات المصنعة من قبل ( شحاتين الإعتراف ) ، كل هذه التصرفات تحاول من خلالها الحكومة استيعاب غضب الشارع المتسارع والمستمر حتى كتابة هذه الحروف .
أما بالنسبة لباقي المؤسسات السياسية الأخرى، فقد أنكر المجلس الرئاسي هذه الخطوة، وطلب من الحكومة فتح تحقيق حولها، أما مجلس النواب فقد أصدر بيان حاول من خلاله أن يبين مدى استعداد حكومة الدبيبة استخدام الوسائل كلها لضمان استمرارها، أيضا المجلس الأعلى للدولة أصدر بيان استنكاري وصفه البعض بأنه دون المستوى المتوقع، وتتالت البيانات الاستنكارية من أحزاب سياسية وفعاليات اجتماعية , هذا كله يحدث ولم نسمع تصريحاً واحدا لرئيس الحكومة ولا المنقوشة حول هذا الاجتماع، حيث خرجت المنقوشة من ليبيا ، وذهب رئيس الحكومة لحضور ( فرح ) لأحد أقاربه في مصراته ويبدوا أنه حبذ أن ينظر من بعيد لدخان النيران التي تشتعل في طرابلس حتى لا ( تحرقه ) ويعتقد أنه قد ينجوا منها بهذه الخطوة .
لهذا نرى أن نتائج قفزة الدبيبة وحكومته في الوحل تتمثل في الاتي :-
-أن ما قامت به وزيرة الخارجية الليبية يعتبر جريمة وفقا للقانون الليبي، ويجب رفع الحصانة عنها وإحالتها إلى النائب العام وليس إلى تركيا .
-أن اجتماعاً على هذا المستوى وبهذه الخطورة من المستحيل أن يتم دون أوامر من رئيس الحكومة ، وأن المنقوش ماهي إلا مرسول ( حب ) تحاول تليين قلب شرطة العالم .
-أنه في حالة عدم وجود تحرك شعبي كبير في اتجاه إسقاط هذه الحكومة على نحو سلمي ومنظم ، ستمر هذه الموجة، وسيتكفل الوقت بتخفيف حدتها، فالوقت ليس مع أصحاب هذه الأرض .
-أنه ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الحكومة مستعدة بأن تقوم بأي شيء مقابل استمرارها حتى إدارة الانتخابات القادمة، لأنها تعلم جيدا أن التجارب السابقة في بلدنا ومنطقتنا بشكل عام تقول ، إن من يدير الانتخابات يفوز بها ، وهذا الهدف بالنسبة للعفوي بسلامته .
-إن الشعب الليبي أعلنها صريحة وواضحة ( أنه لن يكون هناك تطبيع مع شحاتين الاعتراف وقتلت الأطفال ) وأن تحويل رواتب شهر أغسطس قبل نهايته ، لن تشتري موقفهم التاريخي .
-إن الدبيبة إن أراد إسكات المنقوشة فعليه أن يدفع لها قيمة مالية كبيرة من أموال الشعب الليبي العظيم ، حتى يشتري صمتها ، وتتمكن هي من أن تشتري ملابسها .، وليذهب حينها مستقبلها السياسي إلى الجحيم .
أما من يوجَدون الآن في الشوارع نقول لهم :-
( في فرنسا سنة 1750 قُدمت أثان ( أنثى حمار ) للمحاكمة بتهمة ارتكاب الفاحشة مع فلاح ، ولكن الشهود شهدوا بعفة الحمارة ، فأطلق سراحها وحكم على الفلاح بالإعدام ! )
(إن السلطة السياسية ليست معتوهة ولا مجنونة ، السلطة تعرف ماتفعل وتقصده قصداً كاملاً ، في العصور الوسطى كانت الكنيسة تؤكد بمحاكمة الحيوانات سلطانها على الأرواح كلها أما في بلادنا فالهدف تجنين الناس ، هو إفقاد الشعب توازنه وثقته بنفسه ، إن الحاكم عندما يحاول تمرير حكم معتوه تماما ويمر ، يصاب الإنسان المراقب لما يجري باليأس من الناس الذي مر عليهم حكم كهذا ولم يعترضوا .
وعليه فإن استتباب أي سلطة ظالمة يعتمد على تفتيت ثقة الناس بأنفسهم ، هدفهم أن تقبل الجنون لأنك تظن أن الآخرين يقبلونه ، هي محاولة مدروسة لتصبح عجينة في أيديهم يُشكلونك كيف شاءوا، فاحذر ،، ولاتصدقهم ،، وانتصر عليهم ). ( الفقرة الأخيرة لتميم البرغوثي )