السياسي

معيتيقة (هنا الدولة)

معيتيقة (هنا الدولة)

معيتيقة (هنا الدولة) 

 

مثل بقية الأيام العجاف على هذه الأرض، مرت علينا 48 ساعة الماضية ببطء شديد في طرابلس، شهدنا فيها قتلى وجرحى ودمار، كما شهدنا فيها أيضا رئيس حكومة (عاجز) ورئيس أركان (خانع) ورئيس مجلس رئاسي (مختفي) وأمر لواء قوامه تسعة آلاف جندي (محتجز) وأمر قوة (يتكتك)

نهاية يوم 14  8  2023 أعلن اللواء444 قتال أن أمره العقيد (محمود حمزة) قد تم اختطافه في مطار معيتيقة عندما كان يرافق رئيس الوزراء ورئيس الأركان إلى مدينة مصراتة لحضور عرض عسكري، في البداية لم تخرج الكثير من المعلومات حول أسباب الاحتجاز، لكن العديد من المطلعين يتوقعون هذا الصراع من مدة، حيث خلال الأشهر الماضية حدثة مناوشات بين اللواء وقوة الردع نتيجة قبض الأخيرة على ضابط من اللواء، الأمر الذي أدى إلى مناوشات خفيفة بين القوتين في وسط طرابلس، وانتهت بإطلاق قوة الردع سراح الضابط المحجوز.

هذا الموقف أوضح أن التوافق الذي كان بين القوتين قد تزعزع كثيرا، وأن الصدام العسكري أصبح قريبا جداً، حيث تضاعف قوة اللواء 444 بقيادة محمود حمزة الذي كان جزءاً من قوة الردع الخاصة سابقاً، أصبح يضايق العديد من التشكيلات ، خاصة أنه يسيطر علي مساحة جغرافية كبيرة ، ويحظى بتأييد قبائل كبيرة مثل بني وليد وترهونة ، وإتضح ذلك في أزمة احتجازه الأخيرة ،  وأن خطوة التجرؤ التي قام بها اللواء في حادثت الضابط لن تمر مرور الكرام، أيضا ماذكر في حادثة إحتجاز الضابط أن الأخير قبض على أمر سرية في قوة الردع الخاصة عليه أوامر قبض من النائب العام كما جاء في كلام اللواء 444

كل المؤشرات السابقة كانت تقول ذلك، حيث قوة النواصي التي ظلت تحاول أن تتمدد على حساب قوة الردع في أكثر من موقف، دفعت ثمن ذلك في الوقت الملائم  أثناء دخولهم في حرب مع قوات أخرى في طرابلس خلال السنة الماضية، واستطاعت قوة الردع أن تنهي وجود قوة النواصي في طرابلس نهائيا.

إن هذه المؤشرات كانت تقول إن الردع لن تقبل بما حدث في واقعة احتجاز الضابط، وإن الصدام سيحدث، أيضا ما حدث أثبت أن ليس هناك أي وزن لرئيس الحكومة ولا لرئيس الأركان في طرابلس، ولا حتى لرئيس المجلس الرئاسي الذي أمر بإيقاف الاشتباكات حيث القوتان تأتمر بأمره وفقا لنصوص القانون (أنا آسف أنني ذكرت مصطلح قانون)، حيث رغم تدخلهم وذهابهم إلى معيتيقة لإخراج محمود حمزة مرتين، إلا أنهم لم يجدوا هناك (خاطر) لهم، وقد قوبلوا برد واحد (انتهى الاجتماع تستطيعون المغادرة ) حسب الانباء التي وردت.

القوى الأخرى في طرابلس لم تحرك ساكناً، واكتفى بعضها بدور الوساطة فقط، حيث لم نشهد اصطفاف عسكرى مع أحد الطرفين، وهذا يؤكد أن الكل يريد وراثة تركت التشكيل الذي يقع !

لعب الدور الاجتماعي في منطقة سوق الجمعة دورا مؤثراً، حيث تمكن وفد من أعيان المنطقة إقناع أمر قوة الردع تسليم محمود حمزة لطرف محايد، وقد نجحوا في ذلك، حيث سُلم الأخير لجهاز دعم الاستقرار بقيادة (غنيوة الككلي)، والذي أبقى عليه ليوم كامل حتي يتم ترتيب آلية خروجه وضمان عدم تفاقم الاشتباكات داخل طرابلس في حال إطلاق سراحه.

انتشرت القوات المحايدة بين الطرفين، ووقفت الاشتباكات بعدما أسفرت على أكثر من 52 قتيلاً وحوالي 100 جريح، ناهيك عن تدمير العديد من المباني العامة والخاصة، إضافة إلى ضحايا مدنيين إلى حد الآن لا توجد إحصائية دقيقة لهم. 

ما خرجنا به من كل هذه الأحداث هو مجموعة من الثوابت والمُتغيرات :- 

- ما هو ثابت أن إغضاب معيتيقة سيجلب عليك (الكفوف) ولن تجد داخل رواق طرابلس من يقف معك أو يحميك، سواء كنت إنسان عادي، أو تملك 9 آلاف جندي، أو كنت بجوار رئيس الحكومة في طائرة خاصة.

- إن مفاتيح طرابلس لم تغادر مطار معيتيقة منذ عشر سنوات، ويبدو أنها لن تغادرها في القريب العاجل.

- إن محمود حمزة يملك شعبية في أوساط الليبيين، ويتضح ذلك في اليومين الماضيين سواء في حاضنته سوق الجمعة أو حتى من أغلب سكان طرابلس حيث حجم الاحتفالات الشعبية التي حدثت تبين ذلك بشكل واضح.

- إن حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الموجود المختفي عبد الحميد الدبيبة أوهن من بيت العنكبوت ، وإن الحظ فقط هو من يُبقي على استمرارها، وأن قراراتها لا تسري إلا داخل طريق السكة، أو على (محمد إسماعيل) .

-إن بناء دولة قائمة على مؤسسات تحتاج لوقت أطول مما نتوقع، لأننا عندما نرى قادة أمنيين على سُدت أجهزة أمنية من المفترض أنها تخضع لأوامر قادة مدنيين يملكون صفات رسمية في الدولة ولا ينصاعوا لها، وتتدخل ثُلة من المواطنيين لحلحلة إشكالية أمنية بشكل اجتماعي، فعلم بشكل واضح أننا في رقعة أرض عليها بشر فقط، والساعة التاسعة مساءً (شِد حوشك ) .

- إن باقي التشكيلات المُسلحة قد وصلت لهم رسالة مفادها ( أن تزعل منك أمك أهون من زعل معيتيقة)، وهذا ما يجعل الجميع يتربص بشكل أو بآخر بقوة الردع الخاصة، فالكل معرض (للكفوف ) 

 

إن الوضع الحالي ينبئ بأن كل الاحتمالات مفتوحة خلال الفترة القادمة ، ستكون أيام صعبة على الحكومة ، ولن ينهي هذا الوضع ( بوست على الفيس بوك )

أما بالنسبة للمدنيين القاطنين على هذه الأرض نتمنى لكم السلامة، كما نتمنى أن لا نري أبناءكم في طوابير الانضمام للأجهزة الأمنية خلال المدة القادمة ، حتى لا يتقاذفوهم لغرض إطلاق سراح ( الحُجاج ) 

وعلموا أن أول من يُسلم فيه في حالة الحروب هم الأتباع ، فلا تكن منهم ولا معهم …