السياسي

ما مصير مشروع الرجمة في ظل غياب (الشايب)؟

 ما مصير مشروع الرجمة في ظل غياب (الشايب)؟

 

 ما مصير مشروع الرجمة في ظل غياب (الشايب)؟

 

 منذ أن أطلق الجنرال خليفة حفتر عمليته العسكرية التي سماها عملية الكرامة، وتدور التساؤلات حول ما مصيرها في حال غياب الجنرال حفتر عنها، خاصة أنها تحولت إلى كيان له هيكلية تشكيل مسلح شبه منظم، أيضا في ليبيا اعتدنا أن كل الجهود المنظمة والتي تتمحور حول شخص، بغيابه تغيب هذه الجهود، الكلام هذا ينطبق على أحزاب سياسية أو رئاسة دولة أو منظمة مجتمع مدني، وغيرها.

إضافة إلى أن هذا التشكيل تأسس على سرديتين -

الأولى هو وجود عدو مشترك بالنسبة للناس التي انضمت إلى هذه العملية وهنا نتحدث عن التشكيلات الإرهابية التي كانت موجودة في برقة، والثانية مرتبطة بمطلب المواطنين كلهم في ليبيا أن يكون هناك جيش وطني موحد ينجيهم من (بلطجة) التشكيلات المسلحة التي عاثت في الأرض فساداً.

أيضا ضعف السلطة السياسية في طرابلس سنة 2014  وعجزها عن إيجاد حل للتشكيلات الإرهابية والإجرامية والمناطقية في برقة تحديداً، وفي ليبيا بشكل عام جعل دعوة الجنرال خليفة حفتر تلقى قبولاً كبيراً في ذلك الوقت من كل شرائح المجتمع، وعلى رأسها العسكريين. 

كل هذه العوامل ساهمت في تضاعف قوة الجنرال حفتر، وتمكن أن يخلق سردية في ظاهرها الجيش، وفي باطنها (حكم عائلي) كما يرى البعض، حيث لم يلبث كثيرا حتى بدأ في تحييد الضباط الكبار في الجيش الليبي وتكليفهم بمهام بعيدة عن قيادة مشروعه، حيث تقتصر أدوارهم على الجانب الإداري الهامشي وإقحام بعضهم واستنزافهم في ميادين القتال بحيث يكونون بعيدين عن أي علم بما يحدث في (قبة الرجمة ) 

المرحلة الثانية بدأت بتشكيل ألوية تبعيتها بشكل مباشر لأبناء الجنرال مثل لواء 106 معزز التابع لخالد حفتر، إضافة إلى لواء طارق ابن زياد برئاسة صدام حفتر، تحولت هذه الكتائب إلى جيش مستقل، بقوة عسكرية ضخمة تزداد كل يوم، وفي حقيقة الأمر لا تخضع لرئاسة الأركان الذي يقودها (الناظوري) الشخصية القوية الثانية في برقة، حيث وصلت العديد من المؤشرات التي تقول إن عبد الرزاق الناظوري له مواقف في أكثر من حادثة تبين أنه لا يتوافق مع الجنرال حفتر دائما، كان أهمها الحرب التي شنها الجنرال حفتر على طرابلس في أبريل 2019، ومنذ هذا الموقف أصبح الجنرال والناظوري ليسا على وفاق،

ويتضح قوة حضور الناظوري في الساحة العسكرية في بنغازي في الفترة التي غاب فيها حفتر لمدة تجاوزت الأسبوعين من أجل العلاج، وقيل حينها أنه يمر بوعكة صحية خطيرة، حيث تعرض خلال هذه المدة عبد الرزاق الناظوري لمحاولة اغتيال، أوضحت أن هناك أطرافاً ترى في الناظوري هو الخليفة المنطقي للجنرال، ويبدو أن هناك من لا يريد له أن يرث تركة الرجمة .

ويزداد وضوح رغبة الجنرال في تحييد الضباط الكبار الذي أسسوا معه مشروع الكرامة عندما منح أبنائه رتب عسكرية وهم لم يمروا من أمام الكلية العسكرية فضلا عن الدراسة فيها.

أيضا قوض دور بعض القبائل، وهاجم أبنائها كما حدث مع قبيلة (العواقير) عندما هاجم قوات فرج قعيم، وهو يملك قوة عسكرية تُحسب على قبيلة العواقير وموطنها منطقة (برسِس) في ضواحي بنغازي واستطاع إنهاءها، إلا أن هذا العقاب لم يستمر طويلا، حيث عاد وأرجع فرج قعيم إلى مشروع الرجمة بعد أن خضع بالكامل لأوامر الجنرال، في السياق نفسه حيد الجنرال ضابط كبير في الجيش وأحد مؤسسي مشروع الكرامة وهو العقيد فرج البرعصي، وهو يمثل إحدى أكبر القبائل في برقة وموطنها مدينة البيضاء بالتحديد، الأمر الذي أوغر قلوب البراعصة على الجنرال، حيث أصبحت الكلمة العليا والوحيدة له ولأبنائه.

هذا كله تم تحت دعم مصري إماراتي سعودي روسي فرنسي، حيث كل هذه الدول وجدت في مشروع الجنرال بابا كبيراً بالإمكان أن يدخلوا من خلاله للحفاظ على مصالحهم، وقد تلقى الدعم الدولي داخل مجلس الأمن والمادي داخل الأراضي الليبية من الناحية العسكرية، وزاد نفوذه بعد أن تمكن من إخضاع الجنوب الليبي بالكامل له بحيث أصبح الآن ليس رجل برقة القوي فقط، بل يبسط سيطرته على ثلثي ليبيا حقيقة لا مجازاً.

أيضا أعاد الجنرال دور الأجهزة الأمنية بالكامل خاصة جهاز الأمن الداخلي الذي أصبح يعمل لحماية (الشايب) بدلا من حماية الشعب، حيث يكفي أن تكتب أي جملة مفيدة على الفيسبوك تحتوي بشكل مباشر أو تلميح ضد الجنرال ليتم القبض عليك وتصنيفك أنك عنصر مُخرب، وضد مصلحة الدولة، ويطرح عليك سؤال يجب أن تجد إجابة له مفاده  كنك مع الشايب ؟

كل المؤشرات الآتية من (برقة الهادئة) تقول إن هناك تململاً واضحاً من القيادات العسكرية والقبليةمن(بلطجة) أبناء الجنرال وتدخلهم في كل شي، وتقريرهم لمصير برقة في أي موقف تفاوضي، ويبدو أن عقيلة صالح أيضا أصبح يعبر عن استيائه من هذه التصرفات، الأمر الذي يبدو أنه خلق فكرة مفادها أنه من الأفضل أن تكون هناك سردية واضحة لمن يخلف الجنرال في حال غيابه فجأة، وأن لا يترك الأمر لأبنائه الذي أصبح من الواضح أنهم يجهزون أنفسهم لوراثة الجنرال عسكريا وسياسيا، رغم عدم وجود اتفاق بينهم، والذي من المُحتمل أن ينشئ صراعا مسلحا بين ألويتهم العسكرية، أيضا عبد الرزاق الناظوري أصبح يُقدم كشخصية عسكرية تُمثل القبائل المتململة من ازدياد بلطجة أبناء الجنرال، ليكون المشهد المتوقع في حال غياب الجنرال فجأة هو صراع مسلح بين صدام حفتر، وخالد حفتر، وعبد الرزاق الناظوري، حيث هذا المشهد هو الأقرب في ظل غياب أي خطة واضحة لشكل مصير مشروع الرجمة في ظل غياب الجنرال.

البدايات دائما ما تكون مؤشراً للنهايات، وكل المشاريع الفردية السلطوية القائمة على أساس القمع وإسكات الأصوات التي تكون عادة إصلاحية تحاول أن تحمي الدولة من الانهيار تكون نهايتها شبيهة بنهاية (ضمير العالم!) ذلك الضمير الذي حكم بالحديد والنار والأمن الداخلي أكثر من 40 سنة، ولم يستطع أن يهرب من النهاية المكتوبة قدرا على الطغاة كلهم، نهاية للأسف ستؤدي إلى انهيار كل شي معه .

حتى يحدث ذلك، دعونا نحمي أنفسنا ومن نحب من تبعات نهاية الطغاة، وإن لم نستطع فلا نكون جزءاً منهم، فإنه أول من يسقط هم الأتباع!!!