علاش الدبيبة زاد تشكيل مسلح جديد ؟ مش عندنا هلبة ؟
خلال الأيام الماضية أصدرت حكومة الوحدة الوطنية قراراً يحمل رقم ( 313 ) لسنة 2023 م ، أنشأت بموجبه تشكيلا مسلحاً تحت مسمى ( الجهاز الوطني للقوى المساندة ) وذكر نص القرار في مادته الرابعة الفقرة الأولى أن هذا الجهاز سيحمي أهداف ثورة السابع عشر من فبراير ، وقد مُنح اختصاصات كبيرة أبرزها مساندة قوات الجيش الليبي وقوات وزارة الداخلية إضافة إلى حراسة المشاريع الجديدة المتعلقة بالتنمية والبنية التحتية .
هذه ليست المحاولة الأولى التي يسعى من خلالها رئيس حكومة في ليبيا إلى تشكيل أو خلق إطار شرعي لتشكيل مسلح بُغية حمايته أو استخدامه في الصراع السياسي لحكم القطر الليبي ، حيث سبقه في ذلك فائز السراج ، عندما أصدر قرار إنشاء جهاز “الدعم والاستقرار ” ، تحت قرار رقم ( 26 \ 2021 ) وأعطاه صلاحيات واسعة تعادل صلاحيات ومهام وزارة الداخلية ، كذلك القرار رقم ( 578 \ 2021 ) و الذي يقضي بإنشاء جهاز ” الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”، وجعل تبعيته المباشرة إلى رئيس المجلس الرئاسي ، وبناء علي هذا القرار تم حل ” قوة الردع الخاصة ” التابعة لوزارة الداخلية ، وضم جميع منتسبيها إلى الجهاز الجديد ” قوة الردع ” ، بذات أوضاعهم الوظيفية التي كانوا عليها وقت صدور القرار ، ونص القرار على ” أن تؤول إلى الجهاز الجديد كافة الأصول الثابتة والمنقولة التي كانت بحوزة قوة الردع الخاصة ، بما في ذلك القوة العمومية للأسلحة والذخائر”. هذين القرارين أعطى من خلالهم صلاحيات ومهام متعددة لهذين الجسمين تعادل صلاحيات و مهام وزارة الداخلية .
إذا ؛ أين الفارق في قرار الدبيبة ؟ حيث التحالفات بين السلطة التنفيذية والتشكيلات المسلحة قديمة قِدم حالة العبث في ليبيا ، إلا أن البعض يرى ، أن الدبيبة اليوم يحاول أن ينشئ هو ، ولنفسه قوة تتبعه بشكل كامل ، ويمكن استخدامها في المرحلة القادمة ، ولم يكتف بإنشاء تحالف مع التشكيلات الموجودة ، حيث من الواضح أنه لا يأمن ولاءها الكامل ، خاصة أن هذه التشكيلات دأبت على الاستمرار ، في ظل تغير السلطة التنفيذية ، فقد رأى الدبيبة ذلك في فائز السراج وقبله عبد الله الثني وقبلهم علي زيدان ، حيث وجد أن كل التحالفات التي أنشئوها مع هذه التشكيلات لم تخلق لهم الحماية الكاملة حين وصل فيهم ( السيل ) ، وتمكنت هي من الاستمرار في الوقت الذي سلم الأول وهرب الاثنين الآخرين .
أيضا من الملاحظ في القرار هو منح هذا التشكيل اختصاص حراسة المشاريع التنموية في ليبيا إضافة إلى حماية مؤسسات الدولة يتضح ذلك في المادة السادسة ، ويرجح البعض أن هذه القوة ستؤول إليها مهام حماية مطار طرابلس الدولي ، خاصة وأن عمليات الإصلاح فيه قاربت على الانتهاء ، وكل عيون التشكيلات المسلحة ترنو إلى هذا المطار ، المنفذ الأكبر في المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس ، وقد اتضح بوادر صراع من يسيطر على مطار طرابلس العالمي المدة الماضية بين قوة الردع الخاصة ولواء (111 ) المتمركز على تخوم المطار برئاسة ( الزوبي ) حيث حدث نوع من الاحتكاكات بينهم وانتهى الصراع بشكل سريع دون سيطرة أحدهم على المطار
إضافة أن المنطقة الغربية اليوم كل محيطها أصبح يتربص بالدبيبة ، حيث خسر ولو نسبيا ولاء (معمر الضاوي ) رجل ورشفانة القوي ، الذي يسيطر علي منطق تطوق طرابلس من حزامها الغربي من حدود الجبل وصولا إلى البحر بعد قصف بعض قواته بالطيران المسير، الأسابيع الماضي في الحملة التي تقول الحكومة أنها تشنها على المهربين ، رغم تمكن الدبيبة في وقت سابق من استمالة ودّ معمر الضاوي.
شرق طرابلس الأمر لايختلف كثيراً حيث قوة الردع الخاصة المتمركزة في مطار إمعيتيقة دائما ماكنت بعيدة عن الاصطفاف في حالة النزاع الحكومي والسياسي ، حيث تمكنت من أن تؤسس لنهج عدم الانحياز والحفاظ على استقرار العاصمة أيا كانت الحكومة التي ستستقر في طرابلس ، أيضا سار على هذا النهج اللواء ( 444 ) صاحب السمعة ( الباهية ) حيث ينتشر ويغطي الطوق الجنوبي للعاصمة طرابلس وصولا إلى حدود مدينة الشويرف ، مرتكزا على عمق مهم جدا ، ومع انخفاض شعبية الدبيبة في حاضنته مصراته ، وهذا ملاحظ بشكل كبير ، حيث اعتمد الدبيبة على أسرته وعلاقات أسرته فقط ، ونشرهم في كل الأماكن الحساسة والمهمة في الدولة ، وصولا إلى من يترأس هذا الجهاز الأمني الجديد الذي نتحدث عنه في هذه الأسطر وهو أخ أحد رجال أعمال مصراته الذي تربطه علاقة ( بنيوية ) مع عائلة الدبيبة .
كل هذه المعطيات تعطي تصورا واضحا نسبيا للأسباب التي دعت الدبيبة لإصدار قراره لتشكيل هذه القوة ، ولم تكن مسألة الدفاع عن أهداف ثورة السابع عشر من فبراير التي جاءت في نص القرار إلا محاولة ( مستفزة ) لإظهار التشكيل بأنه امتداد لما تأسس عليه هذا الواقع اليوم ، ولمحاولة الدبيبة إبعاد ولو بشكل ( مفضوح ) شبهة كونه يمثل أبناء النظام الجماهيري الذي كان هو وحده فقط صاحب الدور الوحيد لتراكم الأموال في أحضان عائلة الدبيبة .
يقول لنا التاريخ والحاضر الذي عِشناه خلال هذه العشرية أن ( المتغطي بالسلاح عريان ) وأن التحالف الحقيق يحدث مع الناس ، وأن الارتكاز على القوة من أجل التمترس وراء نشوة السلطة العابرة بداية النهاية . قد يراني من يقرأ هذه السطور حالما، وقد أكون كذلك ، لكن فائز السراج وعبد الله الثني وعلي زيدان وقبلهم كلهم معمر القذافي قالو لي ذلك !