اجتماعي

أين (الزبائن) يا لواء الأربعات؟ (ولا محميين بحكم الواقع!)

 أين (الزبائن) يا لواء الأربعات؟ (ولا محميين بحكم الواقع!)

 أين (الزبائن) يا لواء الأربعات؟ (ولا محميين بحكم الواقع!) 

 

في حين كل الليبيين مشغولين بترتيب وضعهم الاقتصادي نتيجة تأخر مرتباتهم، ومحاولين استيعاب كيف أن حكومتهم الموقرة قامت بتنسيق لقاء وزيرة خارجيتها مع الكيان الهلامي، وحالة الغليان التي تم كتمها من قبل الجهات الأمنية في عاصمتنا الموقرة، خوفًا على استقرار العاصمة!!، في ظل هذا كله خرج علينا فيديو مصور من قبل اللواء 444 قتال، متعلق بالقبض على شبكة (دعارة) تقودها امرأة ليبية. 

دعك من فكرة أن الألوية العسكرية ليست من تخصصها أن تعمل على مثل هكذا قضايا، ودعك أيضًا من أن الإجراء الصحيح أنه حتى وإن تعثر أحد عناصر هذا اللواء في رأس خيط مثل هذه القضايا، فكل ما يقوم به هو إبلاغ آمره ليقوم الأخير بتحويل هذا الموضوع للجهات ذات الاختصاص، لا تركزعلى مثل هذه (التفاهات!) ولنرجع لقصة عائشة الآن! 

خلال يوم واحد من نشر فيديو شبكة الدعارة، أكمل الفيديو أكثر من مليون ونصف من المشاهدات. هناك العديد من المتابعين قالوا إن غاية نشر هذا الفيديو هو محاولة تخفيف الضغط الشعبي حول تصريحات وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بخصوص لقائها مع وزير خارجية الكيان، وهناك من رأى أن هذا يدخل في سياق الصدفة فقط، ومن المهم جدًا أن مثل هذه الجرائم يتم نشرها لخلق حالة وعي للمجتمع بخطورة هذه السلوكيات، وهناك بعض المغرضين طرحوا مجموعة أسئلة غريبة: 

أين أولئك الرجال الذين تواصلوا مع عائشة؟ لماذا لم يتم القبض عليهم؟ وإذا تم القبض عليهم لماذا لم يتم استعراضهم مثل النساء؟ وهل أستخدم في حقهم الإجراءات القانونية؟ 

إذا سألت أي عنصر شرطة في أي مركز في طرابلس عن هذا النوع من الجرائم سيقول لك إنهم يعملون عليها بشكل دوري، وليست من ضمن الجرائم الكبيرة في تصنيفهم، بينما عندما تسمع ما قيل في الفيديو ستجد أن العمل على هذه الجريمة استمر لشهرين، شهرين وهناك قوة عسكرية قتالية تبحث عن موضوع مدني جنائي ليس من اختصاصها؟ 

في الوقت نفسه لم يتم ذكر أي شيء عن (الزبائن) المنتشرين في المنطقة الغربية بالكامل وطرابلس بالتحديد، وكأن هذه الخطيئة هي من طرف واحد، أو أن القانون يطبق في نظرهم على طرف دون آخر في هذا النوع من الجرائم؟ ناهيك عن تصوير النساء المتورطات في الموضوع، مالداعي من ذلك؟، هذا السلوك موجود منذ الخليقة، وسيستمر، ومحاربته تبدأ حقيقة بالتوعية وصولًا لتطبيق العقوبة على الجميع دون استثناء. 

أيضًا ما الغرض من تقديم لنا كشعب فيديوهات من هذا النوع من كل الأجهزة الأمنية؟ ، وكأنهم في سباق للحصول على متابعات أكثر مثل ما يحدث في عالم (صناع المحتوى)، حيث كل جهة تريد أن تقول للناس إنني أقوم بعملي، وأعمال الآخرين، وأنني أفضل من غيري، اعتقادا منهم أن هذا ممكن أن يجلب (شوية اقتناع) من الناس بوجودهم. ومن يرد علينا في هذا الأمر، فستجد في الدول المحيطة بنا أن الصحافة والإعلام هي من تبحث عن مثل هذه الجرائم لنشرها للناس وليس الجهات الأمنية نفسها، فلن تجد مثلًا قوة أمنية  في تونس أو الجزائر أو مصر تخرج لتقول لك إنها قامت بكذا وكذا، إلا في حدود ضيقة جدًا، وقطعًا لن تجد جهة عسكرية مهامها قتالية، تجري في شوارع الدولة للبحث عن بائعات الهوى، أو زبائنهم، لأنه ببساطة (ليس اختصاصهم). 

لم يكن في غاية اللواء 444 قتال من هذا الفيديو أن يبين عمله، أكثر من كونه قد يكون حاول أن يقدم خدمة لحكومة التطبيع في تشتيت الرأي العام، وهذا ما يراه بعض المواطنين الذين رفضوا أن يمر عليهم الفيديو مرور الكرام. 

في النهاية، هذا السلوك الذي يتعمد خلط المهام المدنية بالأدوار العسكرية لا يعكس إلا فوضى وظيفية ترسخت في مؤسسات الدولة، فبدلًا من أن تركز كل جهة على اختصاصها، تتجه لتغذية نزعات الاستعراض المفرط أمام الكاميرات، وكأنها تطلب شرعية من جمهور فقد الثقة في كل شيء. 

 إن مثل هذه التصرفات، بعيدًا عن أي مبررات، تُعيد إنتاج منظومة انعدام الثقة بين الشعب والدولة، حيث يتم استغلال قضايا اجتماعية حساسة كهذه لصرف الأنظار عن جرائم وملفات أخطر بكثير، وبطرق عشوائية تزيد من تفاقم المشكلة بدلًا من معالجتها. وإن كانت محاربة الفساد الأخلاقي تستوجب جهودًا صادقة وشاملة، فإن أولى خطواتها تكمن في الالتزام بالشفافية، والعدالة، وتطبيق القانون على الجميع، لا أن تتحول إلى مجرد مسرحية أخرى يُخدع بها المواطن ليتجاهل واقعًا أشد خطورة.