السياسي

مولد سيدي العريان، للصحفي الجربان؟

 مولد سيدي العريان، للصحفي الجربان؟

 مولد سيدي العريان، للصحفي الجربان؟  

تمر علينا خلال الأسابيع القادمة أيام طرابلس الإعلامية في نسختها الثانية، حيث هذه المرة يبدوا ان الحكومة قد توسعت في نوع وجودة الضيوف، على المستوى العربي والعالمي، جهات دولية وإقليمية، وشخصيات رائدة في مجال الإعلام التقليدي والبديل، على رأس هذه الوفود (الدحيح) اليوتيوبر المعروف، والعميد (علي جابر) مدير مجموعة Mbc ناهيك على (كوكتيل) من المنصات الإعلامية القريبة لقلب الحكومة، والشخصيات الإعلامية الوطنية التي يعتبرها الكثيرون رائدة في (التطبيل) منذ أكثر من خمسين سنة، واكتسبت (ليونة) ليست أقل من ليونة (فيفي عبدو) في عزها، وتنقلت من فراش سلطة حاكمة إلى غيرها، خلال هذه الأجواء الجميلة، يقفز سؤال في مخيلة أحد الحاقدين مفاده.  

ما هو وضع الإعلاميين والصحفيين في ليبيا؟ على المستوى القانوني والتنظيمي؟ وكيف هي مساحة الحرية التي يمتلكها العمل الصحفي في ليبيا؟  

يجيب أحد المغرضين ويقول، طيلة السنوات الماضية لا توجد نقابة عامة للصحفيين في ليبيا تنظم عملهم، ولا يوجد قانون جديد يتماهى مع مستجدات المهنة، بل ما زال الصحفيون يعملون بقانون المطبوعات الصادر في 1972، المصمم فقط لصحفيين القائد في ذلك الوقت، ليسبح بحمده ليلاً ونهاراً، ويتناقض في نصوصه مع الإعلان الدستوري المنظم للجالية الليبية بعد فبراير. 

فلا يوجد حتى الآن أي إطار ينظم هذه المهنة، بل هناك من يرى ان هذه الحالة متعمدة من قبل السلطة الحاكمة، حتى يتسنى لها ان تقيد من تشاء في الوقت التي تشاء، بالإضافة للصحافة الإلكترونية، التي يُتعامل معها حتى الآن كونها (صفحات فيس بوك) فقط لا غير.  

هذا كله وحالات الانتهاكات الممارسة ضد الصحفيين مستمرة، وليست قصة وحالة الصحفي (أحمد السنوسي) ببعيدة، حيث بمجرد ان قدم تحقيقا صحفيا، تناول فيه حالات فساد، تم التعامل معه بشكل أمني، وفرض عليه ان يبوح بكل أسرار مهنته ومصادره، ليكون عبرة لكل من يحاول ان يقدم عملا صحفيا مهنيا في هذا الإطار.  

في سياق متصل، تستطيع كونك صحفياً في ليبيا ان تتحدث عن أشياء مهمة، متمثلة في إنجازات الحكومة، مثلاً ان تقدم الحكومة كونها (عملاقاً كبيراً) سينجز الطريق الدائري الثالث خلال سنة، وستربح! حينها لقب صحفي بامتياز، وتقدم لك عروض ممتازة لتبني برامجك، أو ان تتحدث عن إنجازات شركة الخدمات العامة في طرابلس، في سياق كونها تقوم بعمل بطولي ووطني، وليس فقط جهة تقوم بعمل منوط بها مثله مثل أي جهاز من أجهزة الدولة، أو مثلا تتحدث عن الأمطار، العواصف، تنقل أخبار يوسا، أو فاطمة الحمصة، أو لقاء مع الكندر، كل هذه الحالات تصنع منك إعلامي وصحفي في الأرض المسمى ليبيا، غير ذلك فأنت فقط تعتقد أنك صحفي.  

ما نعتقده في الغالب، أن الإعلام والصحافة هي انعكاس لهموم المجتمع، هذه غاية إنشائها من الأساس، حيث باعتبارها إحدى المساحات التي يستطيع الناس ان يعبروا من خلالها عن انتقاداتهم وملاحظاتهم للسلطة الحاكمة بشكل سلمي، وكلما تكون هذه المساحة أكبر، كلما يكون المجتمع أكثر هدوءاً، وأكثر إمكانية على إصلاح المنظومة الحاكمة دون إطرار المجتمع لهدمها بالكامل، والتي عادة ما تؤدي لما نمر به نحن خلال هذه الأيام. 

أما عندما تحتكر السلطة الحاكمة الخطاب الإعلامي والصحفي، وتفرض قيودا غير منظورة ومنظورة لإيقاف ومحاربة كل صوت ليس خاضعاً لسيطرتها، فستجد ما نراه اليوم في ليبيا، إعلام يتقن فن التفاهة، ويتقن معه المقدرة على إطراب الناس والسلطة الحاكمة بوصلات من (التطبيل) ولنتفق جميعا ان للتطبيل سحر، يقنع سامعه أنه وصل إلى نهاية المطاف، وأن (كل شيء تمام) وهذا ما يقول عليه التاريخ لحظات الوهم.  

يستفيق بعدها (الطارب) بهذا التطبيل على أصوات الشعب التي لم يسمعها، كون طبلة أذنه كانت تسمع لسحر آخر، وينتقل بدون مشاكل المُطبل ليقوم بنفس الخطوات والسحر نفسه للسلطة التالية، وتستمر بذلك الدائرة.  

لهذا يا رعاك الله، كلما تسمع شخصاً يصف نفسه بصحفي أو إعلامي على هذه الأرض فاسأله؟ (هل زُرت مولد سيدي العريان؟)