من (زغرط) في وذن المنفي؟
منذ وصول حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي والسلطة التنفيذية متمثلة بشكل أكبر عند حكومة عودة الحياة، حيث خلال السنوات الماضية كان دور المجلس الرئاسي مختزلاً في التمثيلات الخارجية لليبيا، ولم يكن هناك دور حقيقي مؤثر له على الساحة الليبية، أو على سير الأحداث، رغم أنه يملك نوعاً من التخصصات التي منحها له اتفاق جينيف الأخير، لكنه قرر ان لا يستعملها.
وقد أعاز بعض المدافعين عن المجلس الرئاسي سبب عدم تواجده في خضم الأحداث التي تمر بها ليبيا، ان الأخير يريد ان يؤدي دور (كبير العيلة) الذي يتدخل في الأحداث الكبيرة التي تهدد استقرار الدولة، ويحاول ان لا يكون طرفاً في الصراع، بحيث يكون لتدخله أثراً بشكل أو بآخر لكن في نفس الوقت استمرار حالة المجلس الرئاسي بهذه السلبية، جعلت الجميع يستبعد ان يكون له دور فيما يحدث في ليبيا.
إلى أن تفاجئ الليبيون ببيان من المجلس الرئاسي يقرر فيه تنحية الصديق الكبير من منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي استنادا لقرار مجلس النواب السابق الذي عُزل فيه الكبير، وعُين محله محمد شكري كمحافظ للمركزي، إلا أن هذا القرار لم ينفذ حينها، نتيجة رفض حراس المنطقة الغربية له،
إن محاولات عزل الصديق الكبير كثيرة، حيث طيلة السنوات الماضية حاول العديد من المسؤولين على الصعيد التنفيذي أو التشريعي عزل الكبير، إلا أنه في كل مرة تتبدد هذه المحاولات كسراب، إما من خلال ضغط دولي، أو بتحالفات داخلية، حيث تمكن الصديق الكبير من خلق تحالفات كثيرة تؤمن له حالة الاستقرار، كما تمكن دائما من التلاعب بحالة الصراع الموجودة، حيث تجده يقترب من عقيلة صالح وعائلة حفتر في شرق البلاد، عندما يقرر رفع صمامات الأموال عنهم، وتجده قبلها (عادي جدا) يصاحب الدبيبة في كل جولاته، ويغدق عليه من أموال الليبيين، بلا حساب،
هذه الحالة لازمت صاحب مصرف ليبيا المركزي، وعرف كيف يعمل من خلالها، حتى جاء المنفي ببيانه وقراره الذي كنا قد بدأنا به هذا المقال، والذي يرجعه بعض المتابعين أن سببه الحقيقي هو حالة التجفيف المالي الذي وضعها الكبير على حكومة عودة الحياة ومشتملاتها، حيث كل التشكيلات المسلحة المرتبطة بنيوياً بحكومة عودة الحياة عملت مع الحكومة على إسقاط الكبير، وفجأة وفي غفلة من الزمن أصبح القرار الصادر من مجلس النواب بتنحية الكبير وتعيين الشكري قراراً صحيحاً، شرعياً وواجب التطبيق!!!
ويبدوا أن الدبيبات قد أقنعوا المنفي والمجلس الرئاسي بالكامل أن تنحية حكومة عودة الحياة يعني انتهاء عمر المجلس الرئاسي، وهم صدقوا في ذلك للأسف، حيث حسب اتفاق جينيف، فإن المجلس الرئاسي مرتبط ارتباطاً بُنيوي بالسيد عبد الحميد الدبيبة وجودا وعدماً.
من جهة أخرى يرى الطرف الآخر ان هذه الخطوة إن نجحت مع الكبير، فهذا يعني انها ستتكرر في إطار حل مجلس النواب والمجلس الأعلى وانفراد المجلس الرئاسي وحكومة عودة الحياة بالسلطة، ورغم نوستالجية هذا التحليل، إلا أنه يبقى متاحاً في حال نجحت هذه المحاولة، رغم تمسك العديد من المتابعين بفكرة ان تنحية الكبير بغض النظر عن أنها يجب ان تكون بموافقة خارجية، لكن أيضا تاريخيا هناك أطراف لا توافق عليها، من أهمها في طرابلس قوة الردع الخاصة حسب ما يرى البعض، وما دخول وخروج الكبير بسلاسة من وإلى طرابلس إلا دليل على صحة هذا التحليل.
في جميع الأحوال لا أحد مقتنع ان الصديق الكبير سيُعْزَل ببيان، حيث مثل هذه الخطوة ستكون لها تبعات كبيرة قد تصل إلى حرب داخل العاصمة في حال كان هناك تباين حاد بين التشكيلات المسلحة والأجهزة الأمنية، وإلى حد الآن ما زال عقيلة صالح صاحب مجلس النواب لم يتضح موقفه مما يحدث مع الكبير حاليا، خاصة وأن الأخير قد أغدق على العائلة المالكة لشرق البلاد بالأموال التي جعلتهم يبسطون نفوذهم أكثر، ويستمرون في بناء الجسور والسجون في نفس الوقت.
نعتقد أن أي حالة تغيير ممكن ان يقوم بها أي إنسان أو شعب تحتاج بالدرجة الأولى للفهم، لهذا ما ندعوك إليه يا رعاك الله، ان تستمر في الفهم، ولا تمل من هذا السلوك، ولا تبخس قيمته، فالوقت الذي ستوظف فيه فهمك لما يحدث حولك قادم لا محالة، هكذا يقول التاريخ، لكن قبل هذا كله لدي سؤال؟
لو تعرضت للاعتداء من تركي في طرابلس، هل ستُمكنني الحكومة من الحصول على قيمة التذكرة والتأشيرة، حتى اقتص منه في إسطنبول؟