من هم أتباع النظام الجماهيري اليوم؟ (الجماهيرية الثانية)
مثل باقي الليبيين ما زال أنصار و مريدو النظام السابق يبحثون عن الطريق التي توصلهم لجمع شتاتهم، قد يستغرب القارئ من جملة (جمع شتاتهم) حيث الصورة النمطية الموجودة في ليبيا ان أصحاب الفكر الجماهيري هم على قلب رجل واحد، وهذا غير دقيق على رأي العديد من المتابعين، اتضح ذلك جليا في اللقاء الأخير الذي عُقد في جينيف، لأنصار النظام السابق، بتنظيم من منظمة الحوار الإنساني، لتقريب وجهات النظر، وخرج بيان ختامي لهذا اللقاء يندد بالتدخل الخارجي الموجود في ليبيا من (سويسرا الكافرة الفاجرة!)
هذا الاجتماع أنتج العديد من النقاش في البيت الأخضر، حيث خرجت العديد من الأصوات التي تُنكر على من حضر الاجتماع تمثيله لطيف أنصار النظام السابق، الأمر الذي خلق حالة نقاش كبيرة، وجعلت بعض الشخصيات تخرج لتعلق على هذا الاجتماع، وترفضه بشكل أو بآخر، من هذه الأطراف هو الجناح السياسي الذي يمثل سيف الإسلام القذافي، حيث يبدوا ان نجل العقيد يرى في هذا الاجتماع تهديداً لمحاولة خلق زعامة لهذا التيار، بحيث يحاول ان لا يكون هناك مكان أو جسم آخر يمكن من خلاله ان يتجمع أنصار العقيد فيه غير عباءة سيف الإسلام، الأمر الذي قد يهدد شمولية زعامته للتيار الأخضر الجديدة القديم.
من جهة أخرى هناك جهد لنجل العقيد الثاني الساعدي القذافي المقيم حاليا في تركيا، حيث يحاول الساعدي ان يُقدم نفسه لليبيين بشكل يختلف فيه عن أخيه، حيث فتح منذ إطلاق سراحها قنوات اتصال كبيرة مع من هم محسوبون على فبراير، إضافة إلى ورود معلومات لدينا تقول إن ضمن إدارته السياسية شخصيات محسوبة على فبراير.
الساعدي معمر يحاول ان يقدم خطابا يريد من خلالها تجاوز الماضي بالكامل، بمعنى أنه لا يرتكز على إرث أبيه، ولا يتبنى مواقفه ومساره بالكامل، وهو معترف بالأخطاء كلها، ويحاول ان يقدم نفسه لليبيين جميعا، بعيداً على أي إشارة إلى محاولة الانتقام من أولئك الذين أنهوا حكم أبيه، ويرى العديد من المتابعين ان هذه المساحة التي يتحرك فيها الساعدي أكثر حظا بالقبول من الحالة التي يقدم فيها أخوه سيف الإسلام، وهذا ما قد يجعله منافسا قويا للأخير في مسيرة الزعامة على ما هو معروف (بسراب التيار الأخضر).
هناك شخصيات أخرى ترى في نفسها هي من يجب ان ترث الزعامة لهذا التيار، جزء منها لا ترى في سيف الإسلام كفء لقيادتهم، وذلك كونه هو من خلق فبراير على رأييهم عندما فتح السجون للعديد من الشخصيات التي قادت الثورة بعد ذلك، بالتالي هم يحملونه وزر كل ما حدث في 2011، إلا أنهم في الوقت نفسه لا يعلنون ذلك بشكل واضح، وفي نفس الوقت ، لم يؤيدوا سيف الإسلام بشكل واضح، من هذه الشخصيات أحمد قذاف الدم / عبد الله منصور / علي الكيلاني / مصطفى الزايدي / وغيرهم.
في نفس الوقت ، يطرح سؤال مهم هنا (من هم أتباع النظام السابق؟)
يرى العديد من المتابعين ان اتباع النظام السابق هم كل الناس الذين يؤيدون معمر القذافي ، سواء في شخصه، أو فكره (في حال عنده فكر!) ولم يشاركوا أو يؤيدوا انتفاضة فبراير، وهناك من يرى أن اتباع النظام السابق هم من ذكرناهم إضافة للنادمين على ما حدث في فبراير، والمنادون اليوم بعودة سيف الإسلام للحكم، ويعتقدون أن بإعادته ستستقر الزاوية مثلا؟؟
هناك فئة ثالثة هي نخبوية أكثر، يرى أصحابها أنهم هم حراس المعبد، وهم فقط دون غيرهم أنصار النظام السابق، وأصحاب القرار في كل ما يخص مستقبل هذا التيار، وهم كل العاملين في الصف الأول والثاني في دولة العقيد، إضافة لكل العسكريين سواء أكانوا ضباطاً أو جنوداً، ويدخل معهم أيضا كل من هُجر من ليبيا نتيجة انتمائه إلى فكر العقيد، هؤلاء وحدهم دون غيرهم هم أتباع النظام السابق.
إلى حد كتابة هذه الكلمات لا يوجد وصف دقيق لأتباع النظام السابق، لكن في العموم هم اليوم يُقدمون أنفسهم لليبيين بسردية واحدة، مفادها، فشل من أدار ليبيا خلال السنوات التي تلت انتفاضة فبراير، وإلى حد الآن جُل الخطاب الذي خرج من هذا الطيف ينقسم لقسمين أساسيين، الأول هو مسحة من انتقام وازدراء من كل ما هو مرتبط بفبراير ونتائجها والثاني هو إرجاع الأمر إلى ما كان عليه، حيث إلى حد الآن لم نسمع خطابا صادرا من هذا الطيف يتحدث عن المستقبل، حيث يبدوا أن الزمن عند اتباع وقيادات هذا الطيف قد وقف في سنة 2011.
كل الأنظمة الشمولية القائمة على فكر الفرد، زائلة لا محالة، وزوالها يؤدي إلى كوارث كبيرة، هذه الحقيقة التاريخية الأولى، بينما الحقيقة التاريخية الثانية تقول، إن عقارب ساعة الأحداث لا ترجع إلى الخلف ، والحقيقة التاريخية الثالثة تقول، إن لكل عصر سياسته وفكره، وأنه من لا يفهم أدوات عصره، ويعمل من خلالها لن يحقق إلا العجز، هذه حقائق أكدها التاريخ والسلوك البشري، من سيعمل بها سيقدم شيئاً يمكن البناء عليه، ومن يرفض العمل من خلالها لن يستطيع ان يقدم إلا السراب، ولن يغفر له كونه يرفع لوناً أخضر، أو لون بنفسجياً … فقط