السياسي

هل سمعت بأسطورة الذئب المتمرد؟

هل سمعت بأسطورة الذئب المتمرد؟

  

هل سمعت بأسطورة الذئب المتمرد؟

 

في حديقة الحيوان، حيث تُحكم العلاقات بين الحيوانات بقبضة من حديد، سادت قوانين صارمة فرضتها الأسود، الزعماء بلا منازع. كانت هذه القوانين ترتكز على مفهوم واحد: الخضوع. في هذا العالم المصغر، فرضت الأسود سلطتها المطلقة، مستخدمة الضباع كأدوات للقمع والردع. ومع ذلك، في هذا العالم المشبع بالخوف والخنوع، برز ذئب منفرد حاول تحدي النظام السائد، ساعيًا إلى غرس بذور الكرامة والحرية في نفوس الحيوانات الأخرى.

كان الذئب المنفرد يعيش في عزلة نسبية داخل الحديقة، ينظر بعينيه الحادتين إلى حياة الخضوع التي فرضتها الأسود على بقية الحيوانات، كان يتساءل في صمت:

لماذا يجب أن نخضع؟ ألم يخلقنا الله أحرارًا؟

بهذه الأسئلة بدأت رحلته في محاولة إيقاظ الآخرين من سباتهم العميق.

بدأ الذئب بالتجول في أنحاء الحديقة، يخاطب الحيوانات بصوت خافت، لكنه مليء بالإصرار. كان يسرد لهم قصصًا عن الحرية والكرامة، ويشرح لهم كيف يمكن أن تكون الحياة أجمل وأكثر معنىً إذا تخلوا عن الخوف، ووقفوا بوجه الظلم. لم يكن الأمر سهلاً، فالكثير منهم كانوا يخشون العقاب الفوري، لكن بعضهم بدأ يشعر ببريق أمل، وربما تكون الحياة بدون قيود ممكنة، يروي لهم حجم الفساد الذي تقوم به الأسود في الحديقة، واستئثارها بالموارد كلها، والإبقاء على بعض الفتات لباقي الحيوانات، لأول مرة زرع الذئب المنفرد سؤال كان مجرد التفكير فيه جريمة تستحق العقاب.

لماذا يجب ان تحكمنا هذه الأسود؟ من حدد ذلك ولماذا؟

لم يكن من السهل على الحيوانات أن تقبل فكرة التمرد، كانوا قد اعتادوا حياة الخضوع، ومعاقبة كل من يحاول كسر القواعد كانت قاسية، لكن الذئب لم ييأس، واستمر في محاولة إقناعهم بأنهم يستحقون حياة أفضل، بدأ يحكي لهم عن أمجاد الذئاب في البراري، وكيف أنهم كانوا أحرارًا يعيشون بكرامة، لا يخشون أحدًا، ولا يذعنون لأحد.

في هذه الأثناء، بدأت الأسود تلاحظ تحركات الذئب المريبة. كان واضحًا أن شيئًا ما يحدث في الخفاء، زاد قلقهم، وبدأوا يشعرون بأن سيطرتهم على الحديقة قد تكون مهددة، كانوا يعلمون جيدًا أن أي محاولة للتمرد يمكن أن تكون شرارة لفوضى كبيرة، لذا قرروا التصرف بسرعة وبحزم. 

أطلقت الأسود الضباع، المعروفة بقسوتها وشراستها، للقبض على الذئب المتمرد، كان الهجوم سريعًا وعنيفًا، هجمة الضباع على الذئب دون رحمة، وكبلته وأذاقته أشد أنواع العذاب أمام أعين الحيوانات الأخرى، كانت تلك اللحظة حاسمة، حيث تجسدت فيها قوة العقاب الذي ينتظر كل من يحاول كسر النظام، وقفت الحيوانات الأخرى متفرجة، تتأرجح بين شعورين: شعور بالخوف من مصير مشابه إن حاولوا المقاومة، وشعور بالراحة لأنهم ليسوا في مكان الذئب.

لكن وسط هذا المشهد المرعب، ظهرت في عيون بعض الحيوانات بوادر تمرد. كانوا يدركون أن الذئب لم يكن مخطئًا تمامًا، وأن الحياة بدون كرامة لا تستحق العيش. بدأوا يتساءلون:

هل يمكن أن يكون هناك طريق آخر؟ هل يمكن أن نعيش بحرية وكرامة كما حدثهم الذئب؟

رغم قسوة العقاب الذي ناله الذئب، لم يكن اليأس تامًا. في قلوب بعض الحيوانات، بدأت تنمو بذرة التمرد، أدركوا أن الحياة بدون كرامة لا تستحق العيش، بدأوا في التجمع سراً، يتحدثون عن الذئب كبطل وكأيقونة للمقاومة، كانوا يعلمون أن الوقت لم يحن بعد للتحرك، لكنهم بدأوا يخططون بصمت، ينتظرون اللحظة المناسبة لإطلاق شرارة التغيير، كما إن التاريخ يعلمنا أن الثورات لا تنتهي عند فشل واحد، بل تتجدد وتستمر، الضباع ستواصل دورها كأداة للقمع، لكن الذئاب والفيلة، رغم كل شيء، ستظل تجد طريقها إلى النصر في نهاية الأمر. ربما لن يكون هذا اليوم قريبًا، لكن الأمل لا يموت، الحيوان الذي رفض الخضوع، وأثار في قلوب الآخرين الشجاعة لطرح السؤال: هل نستحق حياة أفضل؟ كان بداية لحركة أكبر وأعمق.

إن قصة الذئب المتمرد في حديقة الحيوان ليست مجرد حكاية خيالية، بل هي رمز للصراع الأبدي بين الكرامة والخضوع. النهاية المأساوية للذئب لم تكن إلا بداية لحركة أكبر. الحيوان الذي رفض الخضوع، وأثار في قلوب الآخرين الشجاعة لطرح السؤال: هل نستحق حياة أفضل؟ كان بذرة الثورة التي ستنمو يوماً ما.

هذه القصة هي من خيال الكاتب، وإن أي شخص يحاول إسقاطها على واقعنا، يجب القبض عليه وإيداعه في أقرب مصحة نفسية .