السياسي

ماذا لو عاد المشري؟

ماذا لو عاد المشري؟

ماذا لو عاد المشري؟

 

كل من يتابع الوضع العام في ليبيا خلال العام الماضي يعلم كيف تأثر المشهد السياسي بغياب خالد المشري عن الساحة السياسية بعد خسارة الانتخابات الدورية التي تحدث لرئاسة المجلس الأعلى للدولة أمام الرئيس الحالي محمد تكاله.

يعلل البعض هذا التأثير في نقطة استمرار حكومة عودة الحياة، حيث كان المشري، ونعتقد أنه ما زال يرى بلزوم إنهاء حياة حكومة عودة الحياة من منطلق انها لم تحقق الأهداف التي اختيرت على أساسها، ناهيك عن انتهاء المدة التي من الضروري ان تلتزم بها حسب ما جاء في نص الاتفاق السياسي الذي أنشأها.

ويتضح ذلك في حجم التوافق غير المسبوق الذي وصل إليه عقيلة صالح وخالد المشري، ويرى العديد أنه لو نجح المشري في انتخابات العام الماضي برئاسة المجلس الأعلى للدولة، لما كانت حكومة عودة الحياة اليوم تحج لبيت الله بالكامل!

لكن ليبيا علمتنا خلال سنوات الضياع التي تمر بها، ان الحالة السياسية فيها لا تملك ملامح واضحة، ولا يمكن البناء على أحداثها بشكل دقيق لترسم حالة سياسية متوقعة، وهذه الحالة المتغيرة باستمرار يرى البعض انها قد تكون في صالح المشري فيما لو عاد مجددا لرئاسة المجلس الأعلى للدولة.

حيث نتيجة الانسداد السياسي الذي تمر به ليبيا خلال السنة الأخيرة، وحالة الانقسام في السلطة التنفيذية، والخلاف الكبير الذي يبدوا ان رُسل المصالحة فيه لم ينجحوا بين الصديق الكبير صاحب مصرف ليبيا المركزي وعبد الحميد الدبيبة في إعادة المياه إلى مجاريها، الأمر الذي ضيق حركة الحكومة المالية، وحالة البذخ المفرط التي كانت تعتمده في إدارة الدولة، الأمر الذي أدخل البلد في حالة انسداد مالي، وتضخم في الأسعار، ودخول نسبة جديدة من الليبيين تحت خط الفقر وفقا للدراسات الأخيرة التي حدثت في كلية الاقتصاد بجامعة مصراتة، هذا كله وناهيك عن حالة الإعمار التي تقوم بها حكومة حماد في شرق البلاد، حيث ذهبت الأخيرة على نفس طريق حكومة الدبيبة، هذه الطريق التي تعتمد على قاعدة ذهبية مفادها، (استبدل الخرسانة بالكرامة والحياة الكريمة) وهذا كله طبعا يعتمد بالأساس على رعاية العائلة المالكة شرقا، (وشيشمة) الصديق الكبير المنفلت في شرق البلاد منذ أكثر من سنة.

ولا يمكن ان نتجاوز حالة التغير التي حدثت على بعثة الأمم المتحدة، حيث يبدوا أن (إستيفني الجديدة) عازمة على إحداث تغير في حالة الجمود السياسي في ليبيا، ويرى العديد ان هذا التغير سيحدث على مستوى السلطة التنفيذية، وأن خروج حكومة جديد أصبح أمراً قريباً جدا، بالمقارنة بالمدة الماضية. 

يبدوا ان كل هذه الظروف تخدم بشكل أو بآخر الدور الذي من الممكن ان يقدمه المشري في حال عودته إلى رئاسة المجلس، حيث سيرجع حالة التوافق بين المجلسين النواب والأعلى مجددا، وسيستأنف المشري جهده مجددا لإنهاء حكم الدبيبات، كما يرى العديد من المتابعين، وهو اليوم ان عاد فالظروف يبدوا انها تخدمه أكثر من السابق.

هذا كل متوقف على مدى مقدرة المشري على تحشيد الأصوات حوله في المجلس الأعلى للدولة، ورغم ان هناك العديد من المتابعين يرون ان محمد تكاله لن يكون هذه المرة خصما قويا للمشري كما حدث في المرة الماضية كون ان الأخير كانت فترته هادئاً نسبيا، خاصة مع حكومة عودة الحياة، ولم يستكمل جهد المشري في حالة التوافق والتواصل الذي كان بين المجلسين، ودخلت مسألة تسوية السلطة التنفيذية في عهده إلى (الفريز) ويكاد لم يعد للمجلس الأعلى للدولة دور واضح في الحالة السياسية في ليبيا، لهذا سيتمكن المشري هذه المرة من تجاوزه.

لكن ماذا لو كان هناك مرشح آخر قوي في مواجهة المشري؟

المتابعون للعملية الانتخابية التي جاءت بمحمد تكاله يعلم الكثير منهم انها كانت قائمة على سردية التغيير، خاصة وأن المشري كان قد أمضى سنوات على سدة رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وكان أعضاء المجلس يميلون لفكرة التغيير، لهذا كانت الأجواء مهيئة لهذه العملية، لكن هذه المرة يرى العديد من المتابعين ان أعضاء المجلس الأعلى للدولة يميلون أكثر إلى انتخاب شخص يعيد للمجلس وضعه على الساحة السياسية مجددا، وهذا أمر لا يتأتى في المشهد الليبي، إلا إذا كان هذا الشخص يملك عُصبة، أي خلفية قبلية أو مناطقية توفر له قدر من الحماية ليؤدي دورا قويا في مسرح السياسية الليبي المعتمد على رائحة البارود والأموال!

فهذه المعايير يبدوا انها يجب ان تتوفر في من قد يواجه المشري في الانتخابات القادمة، خاصة وأن المشري يملك هذه المعايير بالكامل، وقد أثبت ذلك في كل حالات الصدام التي دخل فيها مع حكومة عودة الحياة أو مع الأجهزة الأمنية مثل جهاز الأمن الداخلي، فالذي قد يلخص المشهد الانتخابي القادم على رئاسة المجلس الأعلى للدولة إن المشري يقول لكل أعضاء المجلس الأعلى للدولة (أخرجوا لي نظرائي من قومي). 

وحتى يحدث ذلك، أو لا يحدث، هل تعلم؟ ماذا حدث في تحقيقات نجلاء المنقوش؟