هل مازالت تاجوراء تبحث عن (عُمر)؟
دائما ما كانت تاجوراء تؤثر بشكل كبير في إدارة الحكم في طرابلس، منذ ثورة غومة المحمودي على الأتراك وصولا لسيطرة البقرة عليها مؤخرا.
إلا أنه في حقبة الفوضى التي نعيش فيها خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية اُعْتُمِد مبدأ عام لدى كل التشكيلات المسلحة في ليبيا، وهذا المبدأ يقول (أن وزنك السياسي وتأثيرك في السلطة مرتبط بما في حوزتك من مؤسسات أو جهات عامة تفاوض بها)، ولأن التشكيلات المسلحة في تاجوراء لا تمتلك حقيقة تلك الجهات التي تستطيع من خلالها ان تفرض ما تريد على السلطة الحاكمة في طرابلس، هذا الحال جعلها تدخل في صراعات داخلية بين بعضها، وكانت قوة (رحبة الدروع) التي يترأسها (بشير خلف الله) الشهير بالبقرة تحاول ان تهجم بين الحين والآخر على مطار معيتيقة، وتواجه في قوة الردع الخاصة علها تتمكن من الحصول على جزء من مطار معيتيقة، حتى تصنع لنفسها وزناً داخليا في تاجوراء وخارجيا في طرابلس ، إلا أن كل هذه المحاولات فشلت، ويبدوا ان الأبقار استفادوا من هذا الصراع، وراكموا الخبرة الأمر الذي جعلهم يفكرون بشكل مختلف لخلق حالة تأثير لهم على القرار في طرابلس.
بدأ بشير البقرة في رحلته الداخلية في تاجوراء لبسط نفوذه، حيث تخلص من كتيبة الضمان التي كانت تخلق في نوع من التوازن في البلدية، ولديها سلاح قوي، وسيطر على مقراتها، وأرسل بهذه الخطوة رسالة للجميع ان زمن تعدد التشكيلات قد انتهى، وبدأت قوة رحبة الدروع تفرض في نفسها كأكبر قوة في بلدية تاجوراء.
على المستوى السياسي بدأت الخطوط مع قوة الردع الخاصة تُفتح بشكل بطيء، خاصة مع زيادة حدة الصراع داخل مدينة طرابلس بين جُل التشكيلات المسلحة، حيث تمكنت حكومة عودة الحياة من خلق حُلفاء لها دائمين، وقد كانت قوة الردع الخاصة في الموقف لن نقول المعادي للحكومة، إلا أنه ليس في صفها بالكامل، بالتالي يرى العديد من المتابعين ان هذه الحالة جعلت قوة الردع تؤمن محيطها بشكل تام، وأكيد تاجوراء تعتبر خاصرة القوة، وحجم التأثير والتأثر بها يكون كبيراً، أيضا من الناحية الأخرى فهم بشير البقرة أن مصلحته الحقيقية في تحالفه مع قوة الردع الخاصة، وحل الخلافات بينهما أمر مهم، حيث هي التي تمثل له المنفذ للسلطة الحاكمة في طرابلس، ومعها ومن خلالها يستطيع ان يكون طرفا مؤثراً في معادلة استقرار العاصمة، وهذا ما يراه العديد من المتابعين يتوافق مع منطق المصلحة المشتركة.
هذا الأمر لن يتأتى إلا بسيطرة رحبة الدروع على القوة كاملة في تاجوراء، لهذا كان لزاما من إخضاع الجميع لقوة واحدة، وداخل تاجوراء هناك قوتان لهما تأثير نوعي، هما (كتيبة الشهيدة صبرية / وكتيبة الأسود) ويقول بعض المتابعين إنهما يملكان ارتباطاً بشكل أو بآخر بالقوة المشتركة المحسوبة على مدينة مصراتة وحكومة عودة الحياة، لهذا كانت الاشتباكات الأخيرة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي مؤشراً على ما نقوله في هذا التحليل، حيث تدخلت القوة المشتركة مصراتة من أجل إرجاع قواتها لكتيبة الشهيدة صبرية التي كانت قوات رحبة الدروع قد سيطرت عليها بالكامل.
في هذه الاشتباكات تحصل بشير البقرة على دعم قوة الردع الخاصة على المستوى العسكري، وتحصل أيضا على دعم الجانب الاجتماعي في منطقة سوق الجمعة التي وضعت كل مقدراتها لصالح معركة البقرة مع القوة المشتركة مصراتة، الأمر الذي جعل الأخيرة تعيد حساباتها، وتدخلت القوى الأخرى المحسوبة على حكومة عودة الحياة بالكامل وهي (اللواء 111 بقيادة الزوبي / وجهاز دعم الاستقرار، واللواء 444) لفض الاشتباك، وفتح مسارات الطرق التي ظلت مقفلة لثلاثة أيام.
رغم تدخل ما يسمى بالأعيان والحكماء من الطرفين في تاجوراء ومصراتة لوقف الاقتتال، إلا أن جُل المتابعين يرون أن أي إيقاف للقتال حاليا هو هش، لأن لا مناص من سيطرة قوة عسكرية واحدة على تاجوراء هذا أولا، وثانيا ان المعركة الحقيقية داخل مدينة طرابلس قادمة لا محالة بين تكتلين عسكريين للسيطرة الكاملة على طرابلس، وكما قلنا سابقا في أكثر من مقال، من حكومة الكيب، لم تسلم أي حكومة في طرابلس السلطة إلا بحرب، ويعتقد الكثيرون ان حكومة عودة الحياة لن تكون الاستثناء في ذلك.
حتى يحدث ذلك، تحصن بالصبر، وحاول أن تمنع نفسك، وكل من لك تأثير فيه من المشاركة في هذا الصراع، وقبل ذلك كله لا تكن من (الطبالين) لكل هذه الأسماء، لأنه مغفل من يُطبل لخراب (عشه)، كما لا تعد تسأل عن (عمر) في تاجوراء، لأن تاجوراء نفسها مفقودة!!