رسالة من مواطن إلى عبد الحميد الدبيبة: انسحب قبل الكارثة!!
إلى السيد عبد الحميد الدبيبة،
بعد التحية،
بعيدًا عن الألقاب التي تسمعها من زوّارك وضيوفك ومطبّليك، وبعد تجاوز حالة وأفكار وأحلام ورؤى واستراتيجيات عائلتك، وتجردًا من معتقداتك عن نفسك، دعني أقتطع من الزمن لحظة لأقول لك ما قد لا تسمعه وأنت محاط بكل ما سبق ذكره.
لست اليوم بصدد تنصيب نفسي قاضيًا على نواياك، ولا أملك ذلك، لا حقيقةً ولا مجازًا. لكني – كمواطن – لم أرَ أي خطوة حقيقية قمت بها ترتبط بمهمتك الأساسية. فقد قدمت لنا حالة حكم تفشّى فيها الفساد، وساد فيها الظلم، وتوسّعت خلالها طبقة المنتفعين من تشكيلات مسلّحة وغيرها. أُغلقت أمامنا منافذ رؤية احتياجاتنا وحُرم أبناؤنا حتى من قوت يومهم
وإننا – والله – لا نأكل طرقًا وكباري، ولا نتداوى بجزر دوران وحدائق، ولا ينهض اقتصادنا بتوزيع أجهزة “آيفون” على محبيك.
لهذا، تفضّل بالانسحاب قبل الكارثة.
لا أراك تملك سلطانًا حقيقيًا على من تقول إنهم جهات تتبع الدولة، ولا أراهم إلا مستعدّين للانفضاض من حولك في اللحظة التي يتصاعد فيها الدخان الأبيض من فوهة الإرادة الدولية، ويُعلن اسم من سيخلفك على أنقاض معاناة الليبيين. ساعتها، ستجد نفسك تائهًا في أزقة طرابلس دون منقذ أو مجير. ولك فيمن سبقك عبرة. فلا تسمع لهم، ولا تركن لطمأنينتهم. فقد شهدنا بأعيننا كم تتبدّل جلودهم في هذه العشرية السوداء، فلن تكون أنت الأخير، ولن تكون أغلى مِمَن سبقك،
لهذا، تفضّل بالانسحاب قبل الكارثة.
أنت تعلم جيدًا أنك لا تملك السيطرة الحقيقية على طرابلس، فما بالك بباقي المنطقة الغربية؟ والسلطة – كما تعلم – تخدّر صاحبها، وتُعمي بصيرته. فلا تغتر، ولا تقبل أن تكون صورة ساخرة لكل من يتقابل معك، داخليًا أو خارجيًا. إنهم يرونك كما أقول لك الآن: رئيس حكومةٍ على (ثلاثة شوارع وخمس وزارات وعشرة كباري) فارفق بنفسك، ولا تُسجَّل في التاريخ كونك انتُزعت من السلطة كما يُنتزع ضرسٌ مسوَّس بلغ العصب!
لهذا، تفضّل بالانسحاب قبل الكارثة.
كل من تربّح من خلفك، واسترزق باسمك، حريصٌ اليوم على بقائك متقمصًا دور رئيس الحكومة. فحالة الفساد والنهب التي حدثت في عهدك لم تشهدها ليبيا منذ غزو فرسان الهيكل لطرابلس! وهم اليوم يغرونك بكلمات من قبيل “الكل معنا”. ولك في الطيب الصافي وقائده عبرة؛ فقد مات قائده، بينما لا يزال الطيب الصافي “يتمرغد” في أمواله المسروقة من قوت هذا الشعب. ولم تكن “بطة” معهم والطيب يعلم ذلك !!، فاعتبر بمن سبقك.
لهذا، تفضّل بالانسحاب قبل الكارثة.
أي مغامرة دموية داخل طرابلس لإقصاء خصومك لن تنجح، ببساطة لأن أهلها ليسوا معك. قد لا يكونون مع خصومك أيضًا، لكنهم حتمًا يرفضون استمرار حالتك. وقد أثبت التاريخ مرارًا أن من فقد حاضنته الشعبية، فقد كل شيء. ومهما طالت الحرب – إن اندلعت – فلن تُكتب إلا باسمك، بينما تنجو طرابلس كعادتها، ولن تجني منها إلا الخراب. اسأل شركاءك في “أركنُو” ماذا حلّ بهم حين حاولوا حكمها بالقوة.
سيحاسبك التاريخ، وسيحاسبك الليبيون – وأنا منهم – على ما قدمت، خيرًا كان أم شرًا. ولا أملك أمامك إلا هذا النص. فإن نصحوك بالقبض عليّ، أو بتشويهي، أو بوصف قولي بالعداوة، فلن يغيّر ذلك من الحقيقة شيئًا. فارحم نفسك، وجنّب هذه الأرض مزيدًا من المعاناة. لعلّ أهلها يحفظون لك هذا الموقف. وقد فعلوها سابقًا. فاكفِ بما كان، وتجنّب ما قد يكون، ففي ذلك الخير لك ولهم.
التوقيع: مواطن (إلا عشرة دقائق)